حتى لا نعود إلى تسعينات القرن الماضي، سنبدأ من العام ٢٠٠٥ تاريخ عودة الجنرال من المنفى.
فمنذ العودة وهو يحارب ليكشف لنا حقيقة المافيا من دون أن يلغي مفاعيل الإنتخابات ومن أفرزت.
إنه يحاول أن يصلح في هذا الوكر الموبوء. أما أنتم، فأردتم إلغاء كل الدولة والمنتخَبين حتى لا تواجهوا وتدفعوا ثمن “ما خلّونا”!
فلجأتم الى استغباء الناس لأنكم عاجزين عن مواجهة المنظومة كما هو يفعل، ولأنكم تدركون إستحالة تطبيق مشروعكم للوصول إلى سلطة تحتلها الميليشيات، فقد ابتكرتم طريقة إستغباء الجموع.
هذا الإستغباء الذي به تخدمون المنظومة نفسها، لأن بتعميمكم وبعقمكم الفكري هذا، أنتم تعرقلون الرجل الذي يواجه المافيا وحيداً.
وبدل أن تدعموا الرئيس عون في معركته، قمتم بشمله مع “كلن يعني كلن”، لأنكم لا تستطيعون أن تطالوه إلا بهكذا حملة، ومن دون أدنى دليل على فساده أو تواطئه…
فقد قال لكم يوم كان جنرال الرابيه في مؤتمره الصحافي بتاريخ ٢٦ تموز ٢٠١٣:
“تخايلت لبنان صار مستقلّاً غصباً عنه… طلعت من هالحلم الواعي، لقيت إنو ما فينا نحكم حالنا، ما في رجال تاخد قرار. لقيت حالي متل الأولاد القصّار بحاجة لوصي حتى يعلّمهم شو لازم يعملوا…!”
وأكبر دليل على كلامه هو تخبّطكم في ما بينكم عندما دعاكم للحوار في بداية “ثورتكم”. فلم تستطيعوا أن تنتدبوا من يمثّلكم! وفي محطات لاحقة تكشف الفاسدين والمفسدين، كنتم خجولين وصامتين بانتظار الوصي عليكم ليقول لكم كيف تتصرفون؟
ثم أوهمتم متابعيكم بأنكم تستطيعون بناء الدولة، ولكن ليس عبر محاربة المافيا كما يفعل هو، إنما عبر طريق غير واقعي وحلّ غير منطقي هو إلغاء الكل من الدولة لكي تنقذوها! أما فعلياً وواقعياً، فكل ما تريدونه هو التربّع على عرشها وكأني بكم تقولون “ليه هو مش انا”.
وحدهم البسطاء يصدّقون أن الأحزاب ولا سيما الميليشيات المنتخبة، سوف تتنازل لكم عن السلطة. فأنتم بذلك تتعدّون على شرعية التمثيل لجميع الفئات بالوطن وتحاولون ممارسة الديكتاتورية المبطّنة (إنقلاب بتمويل خارجي يعني)!
وحدهم البسطاء يصدّقون أنكم ستنجحون لوحدكم في بناء الوطن. فمنظومة ميليشيات الترويكا، لن تسمح بذلك كما هي فاعلة وتفعل بوجه التيار الوطني الحرّ منذ ١٥ سنة إلى اليوم.
فهل فعلاً أنكم تتّكلون على أصوات “القلوب الطيّبة” الذين صدّقوا أن من استسلم وترك ساحة الحرب على الفساد (كما فعلتم)، هو ثائر ومناضل من أجل بلده؟
لا، لن نترك الساحة فارغة لأمثالكم، فأنتم مأجورون للخارج، ومستعدون أن تبتكروا أبشع الأكاذيب لتهاجموا من أراد بناء وطن لجميع اللبنانيين.
أنتم مستعدون أن تتواروا عن الأنظار وتدفنوا رؤوسكم بالرمال كما في كل مرة يُثبت فيها الشرفاء (بالوثائق والأدلة) إنحرافات وفساد هذه المنظومة.
أنتم مستعدون أن تتّهموا بالمتواطىء هذا الذي بقي في الصفوف الأمامية… فهو قال لكم في مؤتمره الصحافي المذكور أعلاه: “ما بترك موقعي لأن موقعي متل ما أنا، أقوى بكتير من ما فل عالبيت…ما بتخلّى عن موقع القوة، يعني أنا جيش ما بنسحب لو هاجموني، لو تراجعت شوي، برجع بعمل هجوم معاكس”.
فهو المقاوم الأول والأقوى لهذه المنظومة المافيوزية.
تقاومون معه أم لا فهذا شأنكم، ولكن كفّوا عن محاربته كما تفعل بقية المنظومة منذ العام ٢٠٠٥، وإلا “لا سمح الله” سنعتقد بأنكم تدافعون عنها!
أما إذا أردتم حرف الأنظار والإختباء خلف حجة تفاهماتنا مع بعض أحزاب التركيبة (المنتخبة)، فأنتم مخطئون، وقد أثبتت لكم الأيام أن التفاهمات لم تنقلب يوماً إلى تسويات على ملفات الفساد، ولهذا السبب استطاعت المنظومة أن تتحالف وتتعايش مع “كلن يعني كلن” بمن فيها أنتم، إلا نحن.
ونقتبس أيضاً من حديث الجنرال في العام ٢٠١٣:
“قلتلّك هون، لو لم نشارك لما كنا استطعنا الوصول إلى المال المسروق، إلى المخالفات في مجلس الوزراء وكل شيء يُحضّر. والبرهان على ذلك إنتو ما لاحظتوا شي، ومن كل عقلكم أن الأمور ماشية”.