لبنان الجديد والإعلام القبّيض (نقولا الشدراوي)

نقولا الشدراوي-

كان ولا يزال الإعلام العميل المأجور يهاجم الأوادم ويهادن الزعران، يهاجم رجال الدولة ويهادن أذناب الميليشيات ، يهاجم دعاة الإصلاح والتفاهم والوحدة ويتملّق حماة الفساد والكيدية والتشرذم.
أيام الوصاية والإحتلال وحكم الميليشيات كانوا يقبضون ويصمتون ، إذ كان “السحسوح” وازناً فوق رقابهم ، أما بعد زوال الإحتلال وانتشار لوثة المال، فُكّت عقدة لسانهم وأطلقوا لقلّة أخلاقهم العنان ، هم الجبناء الذين لم يفتحوا أفواههم أو يسخّروا أقلامهم أيام الإحتلال والوصاية إلا للإشادة بكل محتل وعميل ومهاجمة كلّ وطني حرّ .

بفضل الإعلام الفاسد المأجور أصبحَ الزعيم الإقطاعي الطائفي أو الميليشيوي الفاسد منقذاً وداعية إصلاح ، بينما الزعيم العصامي الإصلاحي النظيف والنشيط أصبح فاسداً عظيماً لا بل شيطاناً رجيماً .

لمَ لا يسأل الإعلام مثلاً عمّن يؤمّن الحماية لرياض سلامة ، ومن هو الزعيم الفاسد حامي الفساد الذي يحميه ؟

طيلة ٧ سنوات بقيت شحنة النيترات مخزنة في العنبر رقم ١٢ في مرفأ بيروت قبل أن تنفجر ،ولم يعلمنا بها أحد من وسائلنا الإعلامية الفذة . ولنفترض أنهم لم يعلموا بعد مرور كل تلك السنوات ، ألم يتحرك حسّهم الإعلامي عندما كان ينوي الرئيس حسان دياب زيارة المرفأ لتفقّد المواد المشبوهة وقيل له آنذاك إنها مجرد أسمدة زراعية ؟

أين كانوا عندما حصلت سرقة العصر في سوليدير ؟
لماذا لم نسمع عنهم أو نقرأ لهم شيئاً عن هدر المليارات في التلزيمات خصوصاً في الأوتوسترادات ومعامل إنتاج الكهرباء ومطار بيروت ؟
ماذا فعلوا عندما رُفعت فوائد سندات الخزينة إلى 40% ونُهبت جراء ذلك مليارات الدولارات من المال العام ؟

وماذا عن الكازينو وشراء السيارات الفاخرة من دون جمرك في العهود السابقة ؟

أما القروض السكنية وغير السكنية المدعومة من مصرف لبنان ، أين الإعلام الذي يفضح المسؤولين وأبناءهم ومحظياتهم المستفيدين منها ؟

لماذا لا يسأل الإعلام ولا يحاسب مَن رفضَ رفع تعرفة كهرباء لبنان منذ ١٩٩٢ لوقف خسائر المؤسسة وعجزها بمليارات الدولارات على مر السنين ؟

ثم أين مقالاتكم وتقاريركم الإعلامية عن مافيا الدواء والمحروقات والفيول والبنزين والمازوت المدعوم وغير المدعوم ؟ الحكومة دب فيها الحياء وفرضت عليهم رسوماً وضرائب ، أما أنتم فيعلو صوتكم باسم المافيات فقط عندما يُرفع الدعم ، لأنكم عملاء المافيات أيضاً تقبضون منهم دورياً فكيف تهاجمونهم ؟

فقط محترفون في بث السلبية والتبشير بالانهيار قبل عشر سنوات من حصوله ، لا ترون الإيجابيات إلا عندما ترون الدولارات في جيوبكم من السفارات و الميليشيات والمصارف والإقطاعيين ،
فهنيئاً لكم في ما أنجزتموه لوطنكم.

ليس عتبي عليكم
إنما عتبي على الأوادم الذين كان باستطاعتهم وضع حدّ لفساد إعلامكم بقوة الحق والقانون ولم يفعلوا .

ختاماً
إن لبنان الجميل النظيف المضيء عائدٌ من جديد ، برغم إعلامكم الفاسد المأجور الزائف القبّيض .

كاتب سياسي

You might also like