في ذكرى ١٣ تشرين: هذه هي خصائص علاقة “التيار” بالجيش والشرعية اللبنانية! سيلفيا حداد

منذ تأسيسه، حمل التيار الوطني الحر مشروع الدولة القوية، واضعًا الجيش اللبناني في صميم رؤيته لبناء وطن مستقلّ وسيّد. علاقة التيار بالمؤسسة العسكرية ليست تقاطعًا سياسيًا، بل إمتداد طبيعي لجذوره التي وُلدت من رحمها.

يشكّل الجيش اللبناني الدعامة الأساسية للدولة اللبنانية، وحامي كيانها في وجه الأزمات والتجاذبات. ومنذ التسعينيات، وعلى الرغم من كل ظروف السيطرة السيايية على المؤسسات، ظلّ الجيش محور الإجماع الوطني، بفضل قوى آمنت بالدولة ومؤسساتها الشرعية، وفي مقدمتها التيار الوطني الحر الذي ربط مشروعه السياسي بفكرة الدولة القادرة والعادلة، وجعل من دعم المؤسسة العسكرية ركيزة ثابتة في نهجه.

يعود للعماد ميشال عون الفضل الكبير في تمتين العلاقة الوجدانية بين الجيش والشعب، مع تكريس دور الجيش المقاتل في الحرب وعلى مختلف الجبهات دفاعاً عن الشرعية اللبنانية. لا داعي للتذكير هنا بموقف الجنرال عون في قصر بعبدا عشية توجهه إلى سوق الغرب عام ١٩٨٣ وغيرها من المحطات، بعد أن قاد افواج الدفاع ووحد الجيش في ظل أبوته الروحية له.

و 13 تشرين الأول 1990، هو اليوم الذي تحوّل فيه الدفاع عن الشرعية إلى رمز للمقاومة الوطنية. يومها، ارتبط اسم الجيش بالثبات في وجه الإحتلال، وارتبط اسم التيار بولادة مسار جديد في الحياة السياسية اللبنانية، يؤمن بأن الجيش هو خط الدفاع الأول عن الحرية والسيادة والإستقلال. و لم يكن الجيش بالنسبة إلى التيار مجرد قوة أمنية، بل الضمانة الأولى لوجود الدولة وضمان استمراريتها.

في مرحلة السيطرة السوريةبقي التيار مطالبا بعودة السيادة وبالجيش اللبناني وحده. وبعد عام 2005، تحوّل هذا الالتزام إلى مطالبات عملية هدفت إلى تطوير قدرات المؤسسة العسكرية وتحصينها بالعتاد والتمويل، بما يمكّنها من حماية الحدود ومواجهة الإرهاب وحفظ السلم الأهلي، فكان دعم الجيش خيارًا استراتيجيًا لا شعارًا سياسياً.

ومع تولي الرئيس العماد ميشال عون رئاسة الجمهورية، تعزّز هذا التوجه من التمسك بدور الجيش كمؤسسة سيادية لا بديل عنها. عملية تحرير الجرود من الإرهاب كانت المثال الأوضح. وقد أكّد الرئيس عون مرارًا أن الدولة يحميها جيشها، ولا سيادة بلا قوة شرعية واحدة، فارتفع حضور الجيش في الداخل والحدود، وتكرّس موقعه كضامن للأمن والاستقرار.

وفي ملف النزوح السوري، كان موقف التيار واضحًا: الحل لا يكون إلا بعودة النازحين الآمنة، مع دعم الجيش في ضبط الحدود ومكافحة التسلل. هذا الموقف جمع بين الواقعية السياسية والحرص الوطني، ولاقى تجاوبًا ميدانيًا من المؤسسة العسكرية التي أدّت دورها بحزم ومسؤولية، محافظة على التوازن بين الأمن والبعد الإنساني.

تستند العلاقة بين التيار الوطني الحر والجيش اللبناني إلى قناعة مشتركة بأن بناء الدولة لا يكتمل من دون مؤسسة عسكرية قوية ومحصّنة. فالجيش بالنسبة إلى التيار هو الأساس في عملية إصلاح، إذ لا تنمية ولا عدالة في غياب الإستقرار والأمن.

وعلى رغم الأزمات الاقتصادية والسياسية، يبقى الجيش المؤسسة الوحيدة التي تحظى بإجماع وطني شبه كامل، لما يمثله من حياد ووحدة في وطنٍ تتنازعه الإنقسامات. لكن استمرار هذا الدور يتطلّب رؤية وطنية جامعة تحمي المؤسسة من التسييس والإهمال، وتوفّر لها الإمكانات اللازمة لتبقى صامدة في وجه التحديات.

من تشرين 1990 إلى اليوم، لم تتبدّل معادلة العلاقة بين التيار والجيش: فالأول وُلد من رحم الثاني، والثاني بقي محور رؤية التيار لبناء الدولة.
واليوم، بعد خمسة وثلاثين عامًا على ذلك الحدث المفصلي، يعود السؤال نفسه إلى الواجهة:

فهل سيتوحّد اللبنانيون خلف جيشهم كما فعل التيار الوطني الحر، فيجعلون المؤسسة العسكرية فوق الحسابات الضيقة؟ أم يُترك الجيش وحيدًا أمام دعاة الفتنة والتحريض والإستسهال يواجه أعباء الوطن في زمن الانقسام؟

الجواب يبقى في ضمير كل لبناني يرى في الجيش الضمانة للحرية والسيادة والاستقلال.

You might also like