بقيت قضية حاكمية مصرف لبنان الشغل الشاغل للطبقة السياسية واللبنانيين الذين اعتادوا ضربات منظومة التسعينات الواحدة تلو الأخرى. فما إن دقت ساعة رياض سلامة حتى كشفت عن أقنعتها بكل وقاحة مخيرة اللبنانيين بين تعيين حاكم جديد مع استثناء القوى الممثلة للشارع المسيحي، أو التمديد لرياض سلامة ونوابه تحت الذرائع والحجج المعتادة من قبل النظام السياسي اللبناني المحتضن بذور التعطل والشلل منذ الطائف.
وقد استنفرت كل الماكينات الإعلامية والمالية والمصرفية اللازمة لدعم خيارات المنظومة. فما إن دقت ساعة سلامة حتى ساد جو إعلامي مليئ بالتحذيرات من ارتفاع سعر الدولار مجدداً وانفلاته إلى أرقام مرعبة، لا بل التحذير من تدهور الوضع الأمني بسبب الإنفلات المالي. وفي وقت يدرك اللبنانييون بفطرتهم ألاعيب المنظومة حتى لو تغاضوا عنها، توجخت الإعتراضات القانونية والدستورية إلى الموقف المهين لنواب الحاكم الذين ينتهكون القوانين بتنصلهم من مسؤولياتهم، في الوقت الذي يتقاضون فيه من خزينة اللبنانيين البدلات الطائلة تعويضاً لمسؤولية لم يمارسوها.
وفي هذا الإطار لفت خروج نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إلى الإعلام بتصريح مخالف لنوايا بري – ميقاتي، واصفاً بيان نواب سلامة بالخطير، ومذكراً بأنّ «القول بعدم وجود خطة إنقاذ حكومية أمر صادم نظراً لوجود هذه الخطة ولأنّ مصرف لبنان كمؤسسة كان جزءاً من الفريق الذي شارك في إعدادها ومناقشها والاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي”.
وفي ظل زحف الشغور إلى المواقع الرئيسية في الدولة وعدم اقتصاره على رئاسة الجمهورية، يبدو من الواضح أن المنظومة الحاكمة منذ التسعينات، والتي يشارك فيها حزب الله ويغطيها، تريد تأبيد سيطرتها على كل مفاصل الدولة، ولا تملك إلا التمديد للإرتكابات وسلوك الفساد وتجويف الدولة، فضلاً عن ضرب كل الخطط الإصلاحية الجدية والجذرية التي تتطلبها الأزمة العميقة مالياً واقتصادياً.