حركة مكوكية يقوم بها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في الشرق الأوسط، وبعد زيارة بيروت ولقاء قيادات سياسية من أطراف مختلفة، توجّه إلى تل أبيب، حيث التقى وزير الحرب الإسرائيلي يواف غالانت، والهدف من الجولة تهدئة الجبهة الجنوبية الآخذة بالتصعيد أسبوعياً.
لا يحمل هوكشتاين طروحات جديدة، بل أفكار سابقة تم تطويرها تماشياً مع واقع الحال على الجبهة الجنوبية. تحقيق وقف إطلاق النار يحتاج إلى قرار إسرائيلي، إذ أن “حزب الله” أعلن التزامه بأي هدنة تقبل بها “حماس”، وبالتالي فإن الكرة في ملعب تل أبيب.
لكن في هذا السياق، توقف مراقبون عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية عند تصريح هوكشتاين في لبنان، حينما قال “الهدنة في غزّة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان”، وبالتالي وبعد إعلان الحزب الالتزام بالهُدنة، وبعد التصريح الأميركي المذكور، فقد يكون ثمّة إشارات إلى أن إسرائيل لن تطبّق أي هدنة في لبنان.
وانطلاقاً مما ذُكر، جاءت تصريحات خطيرة أطلقها غالانت بعد لقاء هوكشتاين، أشار خلالها إلى أن تصعيد حزب الله يقرّب الأمور نحو التصعيد العسكري، ويقرّب من نقطة حرجة في اتخاذ قرار بشأن الأنشطة الحربية حال لبنان، مؤكداً التزام إسرائيل بالعملية الديبلوماسية، وبالتالي فإن التصريح يحمل في طياته تهديداً لحزب الله ولبنان، هدفه الدفع باتجاه الحلول السياسية لا العسكرية.
لكن الميدان يشي بأن حديث غالانت قد يُصبح واقعاً في مقبل الأيام والأسابيع، خصوصاً إن لم تنجح المباحثات في مصر للتوصّل إلى هدنة في قطاع غزّة، وبالتالي استمرار الاشتباك عند الحدود الجنوبية وتصاعد حدّته، وفي هذا السياق، قصف الطيران الإسرائيلي مناطق عدّة، واستشهد ثلاثة لبنانيين مدنيين يوم أمس.
إلّا أن رد “حزب الله” لم يتأخر في خضم الحرب النفسية – الإعلامية، وقد قال رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد إن “حزب الله” لم يفتح مخازن الأسلحة بعد، رافعاً سقف المواجهة بين الطرفين.
إلى ذلك، فإن مفاوضات الهدنة في مصر لم تتكشف نتائجها بعد، لا بل إنها مهدّدة بالانهيار، وقد تضاربت الأنباء حولها، ففي حين قالت وكالة “رويترز” إن المباحثات انتهت دون انفراجة، نقلت وسائل إعلام عربية عن مسؤول مصري قوله إن المفاوضات مستمرّة.
أيام قليلة متبقية قبل حلول شهر رمضان، وهو الموعد المفترض لبدء وقف إطلاق النار، وفي هذا السياق، فإن “حماس” رمت كرة الهدنة في ملعب إسرائيل وأميركا مع إعلانها تقديم مقترح وانتظار رد من الإسرائيليين، ووفق الحركة، فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يُريد هدنة، والكرة في ملعب الأميركيين للضغط وتغيير هذا الاتجاه.
في المحصلة، فإن الأنظار تتجه في الوقت الحالي إلى المفاوضات السياسية التي تجري بالتوازي بين الجنوب اللبناني والجنوب الفلسطيني، أي غزّة، على أمل أن تغلب لغة الديبلوماسية لغة البارود، وإلّا فإن المنطقة ستتجه إلى سيناريوهات أكثر سوداوية.