يحاجج رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اليوم في موقعه الالكتروني، أنه “فور بدء مؤشرات النزوح السوري عام ٢٠١١، بادر الى اتخاذ سلسلة اجراءات على الحدود للحد من تدفق النازحين، وطبقّت تدابير صارمة تتعلق بدخولهم”، وأنه حذّر “يومها من مخاطر هذا النزوح الانية والمستقبلية”.
جاء هذا التبرير الأنشائي في معرض كيله الاتهامات والشتائم ضد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لأنه قال أمس إن “رئيس الحكومة كان موجوداً أثناء موجة النزوح الأولى في العام ٢٠١١، وهو موجود أثناء موجة النزوح الثانية في العام ٢٠٢٣ بعد ١٢ سنة، ولم يفعل شيئاً “إلاّ الحكي”، هل نعيده رئيساً للحكومة؟”.
يكاد ميقاتي يدّعي أنه فعل المستحيل للحد من النزوح منذ العام ٢٠١١، لكن مشكلته الذائعة الصيت تكمن في انقطاعه عن الصدق. وأرشيفه أصدق إنباء، في النزوح كما في كل ما يقول.
في أيلول ٢٠١١، “قال رئيس الحكومة لزعماء العالم (صحيفة الأخبار): أما الجانب الإنساني من الأزمة السورية، المتعلق بالنازحين، فإن لبنان يتطلع إلى مزيد من اهتمام المجتمع الدولي بمساعدتهم في أماكن وجودهم في البلدان المجاورة لسوريا. في لبنان أصبح عددهم اليوم (أيلول ٢٠١١)، وأنا في نيويورك، ٧٠ ألفاً، وهو رقم مرشّح للتزايد في الأيام المقبلة مع تصاعد موجة العنف والنزاع الدائر هناك. صحيح أن الحكومة اللبنانية اعتمدت سياسة النأي بالنفس سياسياً، إلا أنها لم تنأ بنفسها على الإطلاق عن تقديم أوسع نطاق من المساعدات الإنسانية للنازحين، الذين وفدوا إلى المناطق اللبنانية المختلفة”. أضاف: “أدعو المجتمع الدولي إلى مساعدة لبنان على استيعاب الكمّ المتزايد من النازحين، كلما تفاقم الوضع العسكري في سوريا ازداد العبء علينا”.
في كانون الثاني ٢٠١٤، “كان ميقاتي منهمكا حصرا في التعداد. وهو قال إن ٩٠٠ ألف لاجئ من “النزاع السوري” دخلوا الأراضي اللبنانية، وأن عددهم “يقترب من ربع سكان البلاد”، ولم ينبر الى أي معالجة.
في ٣١ كانون الأول ٢٠٢٠، قال الباحث في شؤون اللاجئين (وزير البيئة لاحقا) ناصر ياسين لموقع “الحرة”: “لم نكن لنصل إلى ما وصلنا إليه، لكن ارتأت آنذاك حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ألا تفعل شيئاً”.
في آب ٢٠٢٢ (محطة الجديد)، انتقد وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، ميقاتي على “النهج الذي يتّبعه في التعامل مع ملف اللاجئين السوريين في لبنان”. كما اتهمه بـ”تغيير رأيه حول خطة إعادة اللاجئين ١٨٠ درجة، من أجل إرضاء المجتمع الدولي، ولحماية مصالحه وشركاته في الغرب”.
ولا يخفى أن ميقاتي رفض طوال سنوات اللجوء الأولى عرض الخطة التي وضعها التيار الوطني الحر في شأن النازحين على مجلس الوزراء تجاوبا مع الضغط الدولي والرغبة في استخدام النازحين السوريين في الحرب في سوريا، ولم يمارس أدنى ضغط على المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لكي تسلّم الداتا الخاصة بالنازحين السوريين الى الدولة.
أرشيف ميقاتي أصدق إنباء. هو مليء بنماذج مماثلة، ولا تحجبه استفاقة متأخرة تبقى كلاما على ورق طالما لم يتخذ قرارا عمليا واحدا للحد من المخاطر الكيانية لا عند بداية اللجوء بين سنتيّ ٢٠١١ و٢٠١٤، ولا مع موجات اللجوء الجديد. فمن يصدّق اللبنانيون؟!