الأخبار: ريم هاني-
تتركّز القراءات الغربية، في الوقت الراهن، على الشكل الذي ستتخذه الحرب بين إسرائيل وقوى المقاومة في المنطقة، فيما لم تهدأ، ولو للحظة، التحذيرات الموجهة إلى إسرائيل، من خطر الدخول في مواجهة برية يتم التحضير لها مع المقاومة على الأراضي اللبنانية، في إقرار واضح، بقدرة الأخيرة على إلحاق خسائر كبيرة بالعدوّ في المراحل القادمة، على الرغم من كثافة الاعتداءات الضخمة التي يشنّها العدو على لبنان، والتي أسفرت، أخيراً، عن استشهاد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله.
ويلفت موقع «ذي كونفرسيشن» الأسترالي، في تقرير، إلى أنّ إسرائيل تتمتع بـ«سجل حافل» في الانخراط في مغامرات عسكرية في لبنان، لم تؤدّ، على المدى الطويل، إلا إلى جعل خصومها أقوى، مستشهداً بتجربة «منظمة التحرير الفلسطينية»، وفي ما بعد حزب الله، مضيفاً أنّه على الرغم من «خمس غزوات شنتها إسرائيل منذ عام 1978، فقد اتضح أنها غير قادرة على احتلال حتى أصغر قطعة من الأراضي اللبنانية بنجاح».
وينصح أصحاب هذا الرأي صنّاع السياسة في إسرائيل بألّا «يفترضوا أنّ حزب الله أصبح خارج اللعبة أو يقلّلوا من شأن الجماعة»، لافتين إلى أنّ الأخيرة ستكون مستعدة لبدء حرب استنزاف ضدّ إسرائيل، في حال وضع الجنود الإسرائيليون أحذيتهم في الأراضي اللبنانية.من جهتها، أوردت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية تقريراً جاء فيه أنّ من النادر أن تتمّ هزيمة جماعات مثل حزب الله، بمجرد إزاحة زعيم رئيس فيها، حتى ولو كان بـ«الحجم الهائل» الذي يحظى به السيد نصر الله. ويستند التقرير المشار إليه إلى تاريخ الحروب الإسرائيلية ضدّ تلك الجماعات أيضاً، معتبراً أنّه على مدى عقود من «مكافحة الإرهاب»، قتلت إسرائيل مجموعة واسعة من قادة الجماعات الفلسطينية، من ضمنها «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وغيرها، فيما استمرت حركات المقاومة، في أغلب الأحيان، في القتال.
وتستند وجهة النظر هذه إلى واقع أنّ لدى الجماعات ذات «الطابع المؤسساتي الجيد» دائماً، بديلاً عمّا تخسره، وخططاً واضحة «للخلافة»، ما يجعل من الصعب تدميرها لمجرد استهداف قيادتها، وهو ما حصل مع «حماس»، التي أعادت، طبقاً للمجلة، تجميع صفوفها تحت قيادات جديدة، وواصلت القتال، ولا سيما أنّ «نصر الله كان دائماً تحت خطر التهديد بالاغتيال، ومن المؤكد أنّه وضع خططاً لمن سيخلفه، ما سيمكّن المجموعة من الاستمرار».
لدى الجماعات ذات «الطابع المؤسساتي الجيد» دائماً بديل عمّا تخسره، ما يجعل من الصعب تدميرها
وأثناء طرح السيناريوات القادمة للحرب، يضع المراقبون نصب أعينهم الدور الإيراني في المرحلة القادمة، على الرغم من أن ثمة إجماعاً بينهم على أنّ طهران ستتجنب الدخول في حرب شاملة باهظة الثمن، في أعقاب التصعيد الأخير. على أنّ هؤلاء يعرفون أنّ من غير المرجّح أن «تتخلّى إيران عن حزب الله»، بل قد تدعم، بدلاً من الحرب الشاملة، صراعاً طويلاً ومنخفض الحدّة، يتماشى مع التكتيكات التي يتفوّق محور المقاومة في استخدامها، والتي قد تشمل سوريا أيضاً.
وفي السياق، تنقل مجلة «تايم» الأميركية عمّا تقول إنه مصدر مطّلع على «التحركات العسكرية في شمال شرق سوريا والميليشيات الإيرانية العاملة في كلا البلدين»، أنّ «سوريا والعراق سيصبحان قناتين رئيسيتين لنقل الموارد إلى حزب الله»، وأن طهران «ستحاول، حالياً، نقل آلاف المقاتلين إلى مناطق حدودية في لبنان وسوريا»، بعدما انتقل آلاف المقاتلين من العراق إلى سوريا، في إشارة إلى أن إيران تستعد لـ«تعزيز ردعها» في تلك المنطقة.
في المقابل، توحي التحركات الأميركية الأخيرة بأنّ واشنطن تستشرف، بدورها، صراعاً طويلاً قادماً، إذ أرسلت الأخيرة، الإثنين، قوات إضافية إلى الشرق الأوسط، من دون أن يقدّم السكرتير الصحافي للبنتاغون، بات رايدر، أيّ تفاصيل حول عددها أو المهام التي ستوكل إليها، بعدما كانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت، السبت، أنه «بسبب الطبيعة غير المتوقعة للصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل، والانفجارات الأخيرة في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك بيروت، تحثّ السفارة الأميركية المواطنين الأميركيين على مغادرة لبنان، بينما لا تزال الخيارات التجارية متاحة».
وعلى الرغم من أنّ واشنطن، تفرح، بلا شك، لـ«فرح حليفتها»، إلا أنّ الخطة الإسرائيلية النهائية لا تزال، على ما يبدو، غير واضحة المعالم بالنسبة إليها.
وفي هذا الإطار، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إنّ من غير الواضح كيف أنّ سياسة «اصطياد الخُلد»، – في إشارة على الأرجح إلى الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة -، ستعالج الخلل في «الصورة الاستراتيجية» الأكبر لدى إسرائيل.