جويل بو يونس-
في غمرة الاحداث العالمية وانشغال الدول بملفاتها وانتخاباتها، التي ستنعكس حكما على المنطقة بأكملها ومن ضمنها حكما لبنان، وفي خضم الحرب المفتوحة على غزة وجبهة المساندة جنوبا، والتي تدخل بعد اشهر قليلة عامها الكامل، ينام الملف الرئاسي اللبناني في ثبات عميق، تخرقه من حين الى آخر حركة داخلية من هنا واخرى من هناك، او عودة لحراك “الخماسية” هدفها الاساس عدم وضع الملف في ثلاجة الانتظار، والمحافظة على Momentum معين على حدّ تعبير احد اعضائها.
المعلومات من مصادر مطلعة على جو “الخماسية” تكشف انها وعلى عكس كل ما قيل انها “مفقودة” وغائبة، ستعاود هذا الاسبوع تحركها واتصالاتها، وستعقد بالساعات المقبلة اجتماعا جديدا لها يستضيفه السفير الفرنسي هذه المرة، حيث يضع خلاله المجتمعين بجو اللقاء الذي حصل في العاصمة الفرنسية بين الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين والموفد الفرنسي جان ايف لودريان.
لكن اوساطا بارزة تجزم ان حراك “الخماسية” الجديد لن ينتج جديدا رئاسيا، موضحة ان الهدف منه هو اصرار اعضائها، وهي بمجملها الدول المؤثرة بالمنطقة والعالم من اميركا الى فرنسا والسعودية وقطر كما مصر، على ابراز اهتمام بالملف اللبناني وسعيا منها للقول ان لبنان ضمن الاولويات ويجب بث الروح بالملف الرئاسي، ولو ان كل هذه الدول تدرك تماما الا خرق ينتظر بالمدى القريب.
فقبل الحديث عن تعقيدات الداخل اللبناني المنقسم على نفسه والعاجز عن ايصال رئيس للجمهورية اقله بـ 65 صوتا حتى الساعة، فـ “الخماسية” لا تزال اصلا منقسمة فيما بينها حول الاسماء الرئاسية، ولو انها تحرص في كل مناسبة على التأكيد على انها لا تتدخل بلعبة الاسماء، وان هذا الامر شأن داخلي لبناني. لكن من الواضح ان لدى قطر مرشحا مفضلا عن غيره وهو اللواء البيسري، فيما السعودية لا تزال تحاول النأي بالنفس عبر القول انها لا تتدخل بالاسماء، علما ان اللقاء الذي جمع اخيرا السفير السعودي باللواء البيسري كان لافتا، لا سيما ان المعلومات تشير الى انه كان وديا ولو ان احدا لم يتناول فيه الملف الرئاسي، فيما اميركا لا تزال ترغب ضمنا بوصول قائد الجيش جوزيف عون الى سدة الرئاسة، اما فرنسا فعلّمتها التحربة النأي بالنفس عن الاسماء، بعدما كانت مرحبة بوصول فرنجية سابقا.
لعل الجامع الوحيد بين هذه الدول هو وصولها لقناعة تفيد بوجوب الذهاب الى الخيار الرئاسي الثالث، من دون تحديد هوية هذا الخيار، لكن مصادر متابعة تؤكد ان الجميع بات مقتنعا بصعوبة وصول فرنجية رئاسيا، كما بصعوية وصول ازعور الذي بات اصلا خارج السباق الرئاسي، حتى ان البعض يقول ان الخيار الثالث يعني استبعاد كل من فرنجية وازعور كما جوزيف عون، الذي لا يلقى مباركة من حزب الله، ولو ان الاخير يحرص بكل اطلالات مسؤوليه الاعلامية على الاشادة باداء العماد عون، وبالعلاقة الجيدة التي تربط بين حارة حريك واليرزة، لكن حديث حزب الله الايجابي عن العماد عون يكمله بالقول: كقائد جيش، اي ما معناه ان الحزب يثني على العلاقة الجيدة مع قائد الجيش كقائد للمؤسسة العسكرية، ولا يتحدث عن “العماد الرئيس جوزيف عون”.
وفي هذا السياق، يؤكد مصدر موثوق به مطلع على جو حزب الله ان الحزب وعلى عكس ما يعتقد البعض، لن يتخلى عن رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الا اذا قرر الاخير الانسحاب من السباق الرئاسي وهذا امر مستبعد جدا. ويقول المصدر: هذه المرة تختلف الظروف عن العام 2016، الذي غرد فيه الرئيس بري خارج سرب حزب الله، ولم تنتخب كتلة “التنمية والتحرير” يومذلك العماد ميشال عون للرئاسة، فاليوم سيخرج حزب الله و “امل” بكلمة رئاسية واحدة، ما معناه عمليا ان تمسّك الحزب بفرنجية سيقابله تمسّك بري بفرنجية، الا اذا قرر الاخير الانسحاب في حال رأى ان مصلحة البلد تستوجب ذلك، وهو كان قالها في احدى مقابلاته الشهيرة.
وعليه، فالاكيد انه وعلى الرغم من استعادة “الخماسية” لزخمها بالساعات القليلة المقبلة، فلا خرق رئاسيا ولا رئيس بالاشهر القليلة المقبلة، اقله ليس قبل موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، وبلورة المشهد ما بعد الحرب على غزة!