الديار: بولا مراد-
لا تنحصر انشغالات قيادة الجيش راهنا بالمهام الموكلة اليها جنوبي الليطاني باطار تنفيذ اتفاق وقف النار والقرار 1701 ولا باتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة للتصدي لاقتتال داخلي في ظل التشنج المتنامي في الشارع اللبناني بعد قرار الحكومة الاخير بحصرية السلاح، اذ تولي القيادة اهتماماً استثنائياً للوضع على الحدود مع سوريا سواء من جهة الشمال او الشرق في ظل معلومات استخباراتية لديها عن تجمعات لمسلحين على الحدود من الجهة المقابلة منذ فترة.
وقد فاقمت الفيديوهات التي تم التداول بها مؤخرا لاشخاص ينتمون للعشائر يهددون باقتحام الحدود اللبنانية في حال لم يتم تسليم الموقوفين الاسلاميين من السوريين المتواجدين في سجن رومية للسلطات السورية المخاوف والخشية من انفجار الوضع الحدودي خاصة في ظل ما يتم التداول به ايضا عن مخططات لأسر جنود لبنانيين بهدف مبادلتهم بالموقوفين السوريين.
التنسيق عبر الرياض
وتحاول الاجهزة الامنية اللبنانية التخفيف من وقع هذه المعطيات وتتجنب التداول بها عبر وسائل الاعلام، بقرار سياسي واضح اولا لتجنب نسف ما تبقى من الموسم السياحي كما لمحاولة حلحلة الملف بعيدا عن الأضواء خاصة وانه ملف العلاقات اللبنانية – السورية تتولاه راهنا المملكة العربية السعودية وبالتالي فان لبنان الرسمي يعالج اي مخاوف او استفسارات في هذا المجال بالتواصل المباشر مع الرياض.
ولا يزال المسؤولون اللبنانيون ينتظرون زيارة وزير الخارجية السورية على رأس وفد لوضع الآليات التطبيقية للملفات العالقة بين البلدين والتي لحظتها الورقة اللبنانية وافيد ان الجانب السوري تجاوب معها.
وتقول مصادر مطلعة على الملف لـ”الديار” ان اكثر من سبب يؤخر هذه الزيارة خاصة وان الملفات العالقة لا تشكل اولوية للبلدين المنهمكين بملفات ساخنة أخرى، لافتة الى ان الاهم بالنسبة لقيادتي البلدين راهنا هو الحفاظ على الاستقرار الحدودي ومنع اي اشتباكات من اي نوع كان، وهذا ما يهم الرياض بشكل اساسي.
الملف الأخطر
وتشير المصادر الى ان “الملف الاخطر العالق بين البلدين هو ملف الموقوفين الاسلاميين وبقضايا ارهاب، بحيث ان دمشق تضغط لاسترداد هؤلاء بينما ترفض السلطات اللبنانية تسليمهم وتؤكد جهوزيتها لتوقيع معاهدة لتسليم المحكومين السوريين بغير قضايا قتل عسكريين لبنانيين او قضايا ارهاب”.
وتضيف المصادر: “كما ان ما يخشاه المسؤولون السياسيون والأمنيون في لبنان بشكل اساسي هو عدم خضوع الكثير من المجموعات والفصائل وبخاصة تلك المتشددة لسلطة دمشق، ما يعني انه حتى ولو كان هناك تفاهم بين البلدين على الحفاظ على الاستقرار الحدودي الا ان قرارا من قيادات هذه الفصائل “المتمردة” قد يطيح بكل التفاهمات ويُدخل البلدين في متاهة اقتتال لا يُمكن الحسم اين يبدأ وكيف ينتهي خاصة في ظل وجود اكثر من مليون نازح سوري ينتشرون في معظم المناطق والمحافظات اللبنانية”.
وفي هذا السياق، يعتبر العميد المتقاعد حسن جوني ان “المخاطر الآتية من جهة الحدود السورية ناتجة عن فراغ امني من الناحية السورية، فصحيح أن هناك قوى تابعة للسلطة السورية الجديدة، لكنها غير قادرة على الامساك بالحدود كاملة أضف أنها غير متخصصة اصلا بأمن الحدود وهذا امر طبيعي لان الدولة هناك لا تزال حديثة المنشأ وقواها الامنية لا تزال بطور التشكل وهذا يحتاج وقتا”.
وينبه جوني في حديث لـ”الديار” من ان “هذا الفراغ يمكن ان يتم استغلاله من قبل مجموعات خارجة عن سياق النظام في سوريا او متفلتة منه بشكل او بآخر، فقد تخترق الحدود اللبنانية لتنفيذ اعمال تخريبية او ارهابية، وبالتالي الخطر ناتج عن الفراغ الامني وليس عن قرار من النظام السوري الجديد بحيث ان مواقفه تؤكد على التعاون والتنسيق بين البلدين اضف ان العلاقة بين لبنان وسوريا راهنا ترعاها مظلة اقليمية ودولية سواء من المملكة العربية السعودية او الولايات المتحدة الاميركية”.