الديار: تشكيلة سلام شبه جاهزة… فهل يُرضي المعترضين بأسماء توافقيّة؟

الديار: دوللي بشعلاني-

لا يزال رئيس الحكومة المكلّف القاضي نوّاف سلام يسعى بكلّ ما أوتي من حكمة ومرونة، الى إنقاذ الزخم الذي رافق انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية. ويحاول التوفيق بين ما قيل إنّه “أعطاه” الى الثنائي الشيعي في تشكيلته الحكومية، وما يُمكن أن يمنحه الى الكتلتين المسيحيتين الكبريين، كما الى النوّاب السنّة وسواهم من المعترضين على الأسماء، التي أسقطها على الحقائب التي أُسندت اليهم، أو على حجم التمثيل ونوع الحقائب. فإذا تمكّن من فكفكة العقد الكثيرة المتبقية، وتوصّل مع الرئيس عون الى الإتفاق على الصيغة الحكومية و”إعلان مرسوم تشكيلها” في غضون أسبوع، يكون بذلك قد أنقذ إنطلاقة العهد القويّة، وإلّا فإنّ التعثّر لن يكون لصالح أحد.

 

وتقول مصادر سياسية مواكبة لعملية التأليف وما يحصل حالياً، هو أنّ القوى السياسية تُطالب بحصص وزارية لها على قدر حجم تمثيلها في البرلمان، وإلّا فهي تُهدّد بعدم المشاركة في الحكومة، وبعدم إعطائها الثقة، الأمر الذي يُعيق إعلان التشكيلة، كون سلام ينوي تأليف حكومة تنال نسبة عالية من الأصوات في مجلس النوّاب.

 

ومن أجل إرضاء جميع الأطراف سيكون سلام في ورطة تجعله يسير على خطى رؤساء الحكومات السابقين، الذين حاولوا الإستجابة لمطالب الجميع، ما أدّى في غالبية الأحيان، الى “حكومات وحدة وطنية”، لم تتمكّن فعلياً من إنقاذ البلد من أزماته الكثيرة.

وتلفت المصادر الى أنّه ما إن أعلن الثنائي الشيعي أنّه جرى الإتفاق مع سلام، على إبقاء وزارة المالية له ، وعلى تسمية الوزير السابق ياسين جابر لتولّي هذه الحقيبة، رغم عدم تأكيد سلام هذا الأمر حتى الآن، حتى بدأت الكتل النيابية الأخرى بالمطالبة بوحدة المعايير، لا سيما “الجمهورية القوية”، و”لبنان القوي” و”الطاشناق” و”تيّار المردة”، وتكتّل “الإعتدال الوطني”، والنوّاب السنّة، كما بالإلتزام بحجم تمثيلها النيابي ضاربة عرض الحائط وعود التسهيل التي أغدقتها على سلام لدى تكليفه.

 

رغم ذلك يسعى الرئيس المكلّف الى تذليل العقد الواحدة تلو الأخرى على قاعدة “تمثيل الجميع بوزراء تكنوقراطيين وإختصاصيين لا حزبيين، معروفين بالكفاءة والنزاهة”، وعلى هذا الأساس يذهب الى شطب إسم واستبداله بآخر توافقي.

 

غير أنّه لم يُفلح بعد في إبقاء جميع الكتل داخل الحكومة، حتى ذهب البعض الى القول بأنّ “الذين سمّوا سلام سيبقون خارج حكومته (ربّما “القوّات” وسواها)، والذين لم يسمّونه سيُشاركون فيها”، غامزين من قناة الثنائي الشيعي.

ولكن هذه القاعدة التي يعتمدها سلام، تجعل بعض الكتل تعترض على الأسماء، التي أوردها في التشكيلة الأخيرة لحكومته المؤلّفة من 24 وزيراً والتي قام بتوزيعها، بحسب الدستور، على الطوائف لكي يكفل التوازن في ما بينها. فـ “التيّار الوطني الحرّ” و”القوّات اللبنانية” يعترضان على إسناد المالية للثنائي، وتحديداً للوزير جابر، إذ لا يُمكن من وجهة نظرهما، ألّا تكون مرجعيته “حركة أمل” في كلّ قرارات الحكومة الجديدة، رغم كفاءته وخبرته. كما لحصر التمثيل الشيعي بالثنائي في وزارات الصناعة التي سيتولّاها ناصيف سقلاوي (أو أحد سواه)، والصحة التي أسندت الى الدكتور ركان ناصر الدين، والبيئة لتمارا الزين. في الوقت الذي تحفّظ فيه سلام على إسم طلال عتريسي الذي طرحه الحزب كمرشّح من قبله لتولّي وزارة العمل، وجرى التوافق على إسم الدكتور أمين الساحلي لها بدلاً منه.

 

ويُطالب “التيّار الوطني الحر” بأن تتمثّل كتلته النيابية كاملة (19 صوتاً) في الحكومة ، بغضّ النظر عن عدد الذين غادروا التكتّل ما بعد دخولهم الى المجلس النيابي بأصوات مؤيّديه ومناصريه، كما يرفض تسمية حزبيين أو مسيّسين من قبل بعض المكوّنات، وتُمنع الأطراف الأخرى التسمية، وتُفرض عليها بالتالي أسماء وزرائها، ما يدفعها الى الإنسحاب من المشاركة في الحكومة.

في حين أنّ “القوّات اللبنانية” تجد بأنّه يحقّ لها بوزارة سيادية الى جانب الوزارات الأخرى، وتريد وزارة الخارجية والمغتربين.

 

غير أنّ الخارجية ووزارة الدفاع الوطني وضعهما سلام من ضمن حصّة رئيس الجمهورية، مسمياً السفير ناجي أبو عاصي للخارجية، واللواء ميشال منسّى لوزارة الدفاع (من ضمن الحصّة المسيحية).

 

علماً بأنّ سلام ينوي إسناد وزارات الطاقة للدكتور جو صدّي (المحسوب على “القوّات” لكي يرضيها)، والسياحة الى ميراي زيادة بعد أن كان يُتداول باسم رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي و”الباتيسري” في لبنان طوني رامي لها، والثقافة للوزير السابق غسّان سلامة، ووزارة التنمية الإدارية لزياد رامز الخازن (تيّار المردة) بعد أن كانت ستُسند إليه وزارة الإعلام، ووزارة الإتصالات ستكون من نصيب كمال شحادة، والعدل لفادي عنيسي. على أن يتمّ التوافق على إسم آخر للإعلام.

 

على أن يكون الوزير السابق طارق متري نائب رئيس الوزراء من دون أي حقيبة. ويبقى النقاش على تسمية شخصية لوزارة المهجّرين.

أمّا حزب “الطاشناق” الذي أبقى سلام وزارة الشباب والرياضة في عهدته، وأسندها الى الموسيقي والرياضي غي مانوكيان، فيعترض على تسمية مانوكيان لأنّه لا يجد أنّه يُمثّل أبناء الطائفة الأرمنية (من ضمن الحصّة المسيحية). ويدعم بالتالي توزير كريستين بابكيان، إبنة النائب الراحل خاتشيك بابكيان.

 

كذلك فإنّ “الإعتدال الوطني” غير موافق على تمثيل سنّة عكّار، ولدى فيصل كرامي اعتراض على بعض التسميات، كذلك النوّاب السنّة (النائب نبيل بدر وسواه). كما أنّ “تيّار المردة” غير راضٍ عن تمثيله، ويبدي النائب “التغييري” ميشال الدويهي بعض الإعتراضات.

 

ويبدو أنّ الدروز لا اعتراض لديهم على حصتهم في الحكومة من خلال إسناد وزارة الزراعة الى نزار الهاني، ووزارة الأشغال العامّة والنقل الى فايز رسامني.

 

أمّا النوّاب السنّة الذين أعطاهم سلام 4 وزارات هي الداخلية والبلديات وسمّى لها العميد أحمد الحجّار، والتربية لريما كرامي، والشؤون الإجتماعية حنين السيّد (ثمّة اعتراضات عليها)، ووزارة الإقتصاد لعامر البساط (الذي اعتذر عن تولّيها)، فهم يعترضون على بعض هذه التسميات لعدم تمثيلها الصحيح للطائفة السنية.

 

كلّ ذلك يجعل ولادة الحكومة متعثّرة حتى الساعة، رغم الجهود الحثيثة التي يبذلها سلام للإجتماع بالمعترضين والوقوف على مطالبهم، على ما تلفت المصادر، فالإتصالات لا تزال مستمرّة للإتفاق على الأسماء، رغم إصراره، كما أعلن، على تسمية الوزراء لجميع الحصص الطائفية بالتعاون مع رئيس الجمهورية.

You might also like