إقتراحات لمواجهة الشعارات الفتنوية: إمنعوا المناهج التحريضية! القاضي د. محمد النقري

 

في مواجهة الشعارات الفتنوية المتجدّدة والمتصاعدة بشكل هستيري، والتي باتت تهدّد السلم الأهلي، لم نقرأ للمرجعيات الدينية إلّا بعض الأصداء الخطابية التي في جلّها متأسفة على الوضع الذي بتنا نسمع فيه في كل المناسبات صيحات التهديد والوعيد، فتبقى ردود هذه البيانات خجولة لا تسمن ولا تغني من جوع.

الخطب جلل أيها القادة الدينيون وما يُحاك في الظلام قد أصبح يرى في وضح النهار، والوحيدون الذين لا يقدرون على الرؤية هم الذين غشت قلوبهم غشاوة الأنانية والإستلقاء على مقاعد المناصب والرخاء.

ما نشتهر به على امتداد وطننا العربي أننا لا نجيد استباق الأحداث ولا إجراء الدراسات والإستفادة من المهارات وما يكتب من أبحاث، ولا المبادرة والإنتقال بمنهجية وتخطيط من السنوات العجاف الى السنوات السمان. فترانا نجيد، منذ شعراء الجاهلية، البكاء على الأطلال وعلى مضارب الخيام وتناول قصص الحب والهيام، دون أن يستهوينا استدراج الأفكار لتحويل البكاء على الأطلال الى قوة من أجل بناء مستقبل الأجيال. ما كنا نتمناه في الحقيقة هو أن تكون البيانات والقرارات الشاجبة والمستنكرة متضمنة لاقتراحات وخطط عمل بدل تلاوة البيانات واستنكار ما يؤدي الى نشوب الفتن من رفع الشعارات التحريضية الاستفزازية عند كل مطلب وطني ومعيشي محق.

فلنتجرأ على كتابة بعض الحلول ضمن خطة عمل مستقبلية تبتدأ من:

منع تدريس الكتب التحريضية والتكفيرية سواء في المدارس عبر تضمينها مواد التربية الدينية أو في مقررات الحوزات والمعاهد الدينية. وللوصول إلى ذلك لا بد من اعتماد واستكمال مشروع كتاب التعليم الديني الموحّد في جميع المراحل الدراسية والتي سبق للمرجعيات الدينية دراسته والبدء بإعداده، ولكنها توقفت دون استكمال لمراحله النهائية في الصياغة. المشروع يتضمن كتابة منهجين دراسيين للمسلمين والمسيحيين، بحيث تتوحّد الطوائف المسيحية بما فيها الإنجيلية لإعداد كتاب تعليم ديني مسيحي على أن يتضمن كل كتاب ملحق تكتبه المرجعيات الإسلامية كتعريف عن دين الإسلام، وكذلك الأمر بالنسبة لكتاب التعليم الديني الإسلامي الموحّد بحيث تكتبه المرجعيات السنية والشيعية والدرزية معا على أن يتضمن كل كتاب ملحق تكتبه المرجعيات المسيحية لتعريف المسلمين بالدين المسيحي.

وكذلك الأمر بالنسبة للحوزات والمعاهد الدينية بحيث تستبعد المناهج االدراسية التحريضية ويقصى من التدريس كل عالم دين متعصب وتكفيري، على أن تشرف على كافة الكتب وطرق التدريس لجنة مؤلفة من أشخاص تعيّنهم دار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومندوبين من الجامعات والنخب العلمية المشهود لهم بثقافتهم الدينية الواسعة تنتدبهم الدولة، مجتمعين غير منفردين.

إغلاق المعاهد والحوزات الدينية التي يثبت عليها استغلالها الدراسات الدينية من أجل زرع الأسس والعقائد الفتنوية التي تدعو الى القتل والكراهية والعنف لمجرد انتماء الآخرين لطوائف دينية ومذهبية وصوفية.

تفعيل دور لقاء الكليات الدينية في لبنان وتشجيع تبادل الهيئات التعليمية بين الكليات بحيث تعطى حصص التدريس الخاصة بالأديان الى المدرّسين من أبنائها.

منع المظاهر الدينية عند كل الطوائف التي تحتوي على عبارات استفزازية ونداءات استنهاضية لنبش الماضي وزرع الأحقاد والدعوة إلى الثأر مما اقترفته بعض الأيادي السوداء في أزمنة الفتن والتعصب والتصحر الفكري.

العمل على إصدار قانون يمنع بشكل حازم ازدراء وتحقير الرموز الدينية وفرض عقوبات حاسمة على المخالفين، بما فيها الكتابات على وسائل التواصل الإجتماعي.

منع دخول علماء الدين الذين يشتبه بهم من خلال أحاديثهم وعظاتهم وكتاباتهم ومقالاتهم وتسجيلاتهم بتجييشهم وتحريضهم على الكراهية والبغضاء بين أبناء الطوائف. علماً بأن هذا الإجراء مطبق بحزم على أبناء الطوائف السنية حصراً.

وضع معيار علمي ورصين لمعادلة الشهادات والإجازات الصادرة من المعاهد والحوزات الدينية.

إعادة فرض الخدمة العسكرية الإجبارية على الشباب اللبناني.

هذا غيض من فيض لما يمكن أن يكون حجر الأساس في تنشئة جيل من اللبنانيين المنفتحين على الأديان والثقافات، لنعيد الى لبنان شعاره المنسي: «لبنان أكبر من بلد، إنه رسالة الى العالم».

 

 

You might also like