في لبنان، نحن نبحث.. (د. جورح حرب)

قَدَرُنا في وطني أن نبحث، عن لحظاتٍ من الطمأنينة والسكون، عن همسةٍ عن فكرةٍ عن أملٍ أم رجاء.
لا زحمة أزماتٍ في لبنان، بل هناك غياب للحلول، لا زعماء متسلطين ، بل أناس كُثر متزلفون، لا ظلمة ولا سواد، لا انهيار ولا فقر ولا فقراء، بل شعب يتستّر على السارقين.

في لبنان، اعتادوا على النوم العميق، ولا أحد، من النيام يحب من يوقظه، ففي اليقظة مجهود ووعي وندم على الجهل السابق وتجدد وهمة وخطط ومسير…

من عادات الشعوب، أنها تمجد جلاديها، وتمقت مخلصيها، ربما لأنها لا تُعجَب إلا بالقوة، والتي طالما تظهرت بالقهر والفرض والإلزام عند تلك الشعوب، فعشقت من مارسها عليها، ونفرت ممن نبهها منها.

يعيش مجتمعنا أزمة معايير وجب تصحيحها، فالشهادة لا تصنع مثقفاً، واللقب لا يصنع زعيماً، والثوب لا يصنع رجل دينٍ، والراتب لا يصنع موظفاً، والمطرقة لا تصنع قاضياً والطبشورة لا تصنع معلماً، ولا المبضع طبيباً، ولا السلاح محارباً ولا الهوية مواطناً، كما أن الحدود وحدها لا تصنع أوطاناً، بل… المثقف يصنعه الفكر، واللقب يفرضه رجل الدولة، ورجل الدين تصنعه مسيرته، والأوطان، لا تقوم إلا بضميرٍ يصبغ كل مهنة ذات رسالة، أما القائد فلا يصنعه عدد محازبيه، بل يصنعه عدد المؤمنين بقيادته، تماما كالكاتب الذي لا يصنعه عدد كتبه ومقالاته، بل قراؤه من يصنعونه.

ربما، لو قُدّر للعقل وحده أن يحكم، لانتفت إمكانية الحياة، وكان الله بعون مَن عقله سبق عصره، من أجل ذلك، نجد فئة من اللبنانيين تريد بأيّ ثمن إنقاذ ما تبقى، وأخرى، تبحث بأي ثمن عن مقاربة حسابات صبيانية في أزمة مصيريّة.
رغم كلّ ما ذكرت، في وطني نحن نبحث، لنجد وننتصر ونبقى.

You might also like