موسى لـ”المدن”: لا رسائل خاصة للحزب… لغة واحدة مع الجميع!

في نهاية عامٍ لبنانيّ ثقيل، اختار السفير المصري في بيروت علاء موسى أن يُسدل الستارة عليه بمؤتمرٍ صحافي قصير، في الشكل، لكنه محمّل بدلالات سياسية تتجاوز مدته الزمنية. دقائق معدودة، قدّم خلالها جردة موقف مصر من لبنان، واضعًا ملف الطاقة والاتفاقيات في إطار “التعاون المثمر” والعلاقة التاريخية بين البلدين، من دون أن يخرج عن اللغة الدبلوماسية المحسوبة التي اعتمدتها القاهرة طوال الأشهر الماضية.

مصر: انفتاح على الجميع… وضبابية عند الحزب

أراد موسى أن يؤكد أن مصر “منفتحة على الجميع”، وأن مقاربتها للملف اللبناني لا تقوم على اصطفاف أو استبعاد. أشاد بالحكومة اللبنانية، وهنّأها على إقرار قانون “الفجوة المالية”، معتبراً إياه خطوة أساسية على طريق الإصلاح، ستتبعها خطوات أخرى مطلوبة داخليًا وخارجيًا. في المقابل، بقي حديثه عن حزب الله الأكثر حذرًا وضبابية، لا نفيًا ولا تأكيدًا، بل إدارة مدروسة للغموض.

وجّهت “المدن” سؤالاً مباشراً حول طبيعة هذا الحوار، والصيغة الأساسية التي تحملها القاهرة في تواصلها مع الحزب، جاء الجواب عامًا، محسوب الكلمات، ومشدودًا إلى مرجعية واحدة.

قال موسى “لغتنا مع الجميع واحدة، سواء داخل لبنان أو خارجه، وهي مرتكزة على تطبيق اتفاق 27 تشرين الثاني، ونرجو أن يتمّ التجاوب مع ذلك من قبل كلّ الأطراف في الفترة القادمة”.

حتى عندما سُئل عما تردّد حول دعوة مصرية وُجّهت إلى حزب الله لزيارة القاهرة، لم يقدّم موسى أي تفاصيل إضافية، ولم يكشف عن طبيعة المبادرة المصرية أو إلى أين وصلت، ولا عن شكل الحوار القائم مع الحزب إن وُجد.

مقاربة أمنية ـ سياسية: لا فصل بين المسارين

مصر، كما بدا في كلام السفير، لا تقدّم نفسها وسيطًا بمبادرات منفصلة أو مقترحات جانبية، بل كطرف يعمل على تثبيت مرجعيات قائمة. وحين سئلت “المدن” في حديث جانبي عمّا إذا كانت المبادرة المصرية تتضمن مقترحات غير أمنية، شدّد على أن “التحرك كله يحمل سمات أمنية وسياسية”، موضحًا أن الحديث عن دور الجيش اللبناني هو بطبيعته أمني، لكن كيفية ممارسة هذا الدور “يجب أن تتزامن مع مسار سياسي” معتبراً أن الدولة والجيش قاما بدور مهم جنوباً.

هنا، يظهر جوهر المقاربة المصرية: لا أمن بلا سياسة، ولا سياسة قادرة على الصمود من دون إطار أمني منضبط. وهي مقاربة تلتقي مع ما تحاول القاهرة تسويقه إقليميا منذ أشهر، في ظل تصاعد التوتر على الجبهة الجنوبية، وتزايد المخاوف من الانزلاق إلى مواجهة أوسع.

تخفيف التوتر… من دون إنذارات

في هذا السياق، حرص موسى على التأكيد أن الجهد المصري مستمر لتخفيض حدّة التوتر. قال إن توجيهات الرئيس المصري واضحة في هذا الاتجاه، وإن وزير الخارجية بدر عبد العاطي أجرى اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف المعنية بالملف، على أن تتواصل هذه الجهود في المرحلة المقبلة.

لكن اللافت في كلامه كان الإصرار على نفي أي لغة تهديد أو تحذير. “هذا لا إنذار ولا تحذير”، قال السفير، “لكن نقول إن هناك اتفاقات لا بد من تطبيقها”. في المقابل، لم يُخفِ القلق من كلفة الجمود، مشيرًا إلى “قناعة بعدم اتخاذ مصر مزيداً من الجهد قد تكون له عواقب وخيمة”، في تلميح واضح إلى خطورة ترك الوضع مفتوحًا على احتمالات التصعيد.

الجنوب في صلب الاهتمام المصري

لم يفصل موسى بين الملف السياسي العام وما يجري ميدانيًا في الجنوب. شدّد على أن مصر “مهتمة بما يحدث في لبنان، خصوصًا ما يتعرّض له من تهديدات في الجنوب ومناطق أخرى”. وأكد أن الدولة اللبنانية قامت بدور مهم، كما الجيش اللبناني، معتبرًا أن “الحل الوحيد لما نحن عليه الآن هو تطبيق إتفاق 1701”.

وفي هذا الإطار، كشف عن تنسيق مصري مستمر مع الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية المصري على تواصل دائم مع الجانب الإسرائيلي “لحثه على التخفيف من حدّة التوتر”. مرة جديدة، من دون رفع السقف، ومن دون ادعاء اختراقات، بل إدارة أزمة طويلة النفس.

في الخلاصة، تسعى مصر الى تثبيت حضورها في لبنان، وذلك من ضمن الاهتمام بمنطقة شرق المتوسط وعلى وقع اعادة ترتيب التحالفات ومناطق النفوذ، خطوة لا تنفصل عن ملف النفط والغاز، ومن ضمنها توقيع اتفاقية الربط الطاقوي مع لبنان، والذي من الممكن ان يكون فاتحة لمسار جديد تربط فيه القاهرة الأمن بالسياسة بالاقتصاد.

You might also like