تنتشر بين الحين والآخر إشاعة رخيصة تُعلن “موت” العماد ميشال عون، وكأنّ مطلقيها يعبّرون عن أمنية دفينة أكثر ممّا ينقلون خبرًا.
هذه الإشاعة لم تعد مجرّد كذبة عابرة، بل أصبحت مرآة تعكس المستوى الأخلاقي المتدني الّذي وصل إليه البعض: سياسيّون، إعلاميّون أو مدّعو الفهم في محاولة البائسة للظهور، ليكون لهم الظّهور الأسوأ والأكثر خساسة. وما دلالة تلك الشائعات إلّا على عجز واضح عن مواجهة الرجل سياسيًا وفكريًا، وإخفاق في التّخلّص من عِظم وأهميّة وجوده على السّاحة السّياسيّة، ومحاولة بائسة للنّيل من تيّاره السياسيّ.
فحين يعجز شخص أو فريق عن مواجهة خصمه بالمنطق، ويلجأ بدلًا من ذلك إلى اختلاق خبر رحيله، فهو في الحقيقة يعلن موتًا آخر، موتًا لأخلاقه، لرجولته، ولمستوى النقاش الذي يمثّله. كما يعلن انحدارًا في فكره الإنسانيّ وجهلًا في أساليب الحوار الراقي.
إن محاولات قتل الصورة السياسية لميشال عون عبر الإشاعات ليست جديدة، لكنّها تتكرّر في كلّ مرحلة يشعر فيها مطلقوها بأن حضور الرجل لا يزال أكبر من قدرتهم على احتماله،وأن وجوده لا يزال ميزان العدل في القضايا الكبيرة.
قد يُطلقون إشاعة الموت اليوم، وسيعيدون إطلاقها غدًا، لكنّهم في كلّ مرة يكشفون عن حقيقة واحدة: إنّهم أضعف من أن يواجهوا خصمًا حيًّا بالحقيقة، فيحاولون قتله بالكذب. وأنّ خصومتهم لا تُدار بقيَم ولا بأخلاق، بل بأمنيات سوداء تفضح ضيق نفوسهم وقلّة احترامهم لأي معيار سياسي أو إنساني.
إن إشاعة الموت ليست إلا إعلانًا صريحًا عن سقوط مطلقيها. فالجنرال حضوره لا يُقاس بالعمر ولا بالصحة، بل بالدور القالب للمقاييس الذي لعبه ولا يزال، والموقف الذي يمثّله، والأثر الذي لا يزال له وقعه في الحياة السياسيّة اللبنانيّة… أثرٌ يعجز خصومه عن تجاوزه، لذلك يحاولون إلغاءه بزيف إشاعاتهم ودناوتها الأمر الّذي لا يغيّر في الحقيقة شيئًا.
وفي النهاية، لا يموت من لا يزال حاضرًا في الذاكرة والضمير، ومن يساوي اسمه قيمة الحقّ والضمير والوطنيّة. ومن إنّ من يطلق إشاعة الموت على الآخرين، يضعف من دون أن يدري وجوده، ويكتب مع سابق الإصرار والتصميم نهايته ويحفر نهاية نهايته على صخرة الأبديّة.


