مرلين وهبة –
من اللافت أنّ مبادرة رئيس الجمهورية جوزاف عون بالموافقة الضمنية على مبدأ التفاوض مع إسرائيل لم تلقَ أي ردّ أو تعليق من الجانب الإسرائيلي حتى الساعة، الأمر الذي يُثير تساؤلات عدّة حول أسباب هذا الصمت.
فإسرائيل، بحسب المراقبين، لا ترى جدوى من الدخول في مفاوضات مع «دولة لا تملك قرارها السيادي الكامل»، في ظل وجود سلاح «حزب الله» خارج إطار الدولة اللبنانية. إذ تعتبر تل أبيب، ومعها واشنطن، أنّ أي اتفاق سلام أو تفاوض مباشر يجب أن يتمّ مع دولة تُسَيطر كلياً على أراضيها وحدودها وسلاحها، وهو شرط غير متحقق حالياً في لبنان.
من هنا، يبدو أنّ إسرائيل تُفضّل التريّث إلى حين تغيّر المعادلة الداخلية اللبنانية، إذ تتمكّن الدولة من بسط سلطتها الكاملة، وعندها فقط قد ترى جدوى في اتفاق مضمون ومستقر مع بيروت.
في الأثناء، لبنان واللبنانيون في حالة ارتباك وقلق، فيما تترقّب الأوساط السياسية وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى، المتوقع اليوم إلى بيروت، في انتظار لقائه مع الرؤساء الثلاثة مطلع الأسبوع المقبل، وسط تساؤلات عمّا يحمله من مواقف واضحة أو توجّه جديد من واشنطن، حيال مبادرة الرئيس عون وملف التفاوض مع إسرائيل! خصوصاً أنّ السفراء الأميركيِّين في بيروت غالباً ما يكونون ناقلين لسياسات دقيقة تتعلّق بعلاقة لبنان بإسرائيل ودور «حزب الله».
وفق معلومات دقيقة، فقد علمت «الجمهورية»، أنّ عيسى سيفتح الباب أمام نهج أميركي أكثر صرامة تجاه أي مبادرة تفاوضية لبنانية.
لا تفاعل غربي!
اللافت أيضاً أنّ معظم الدول العربية والأوروبية التزمت الصمت حيال مبادرة الرئيس عون، ولم تُبدِ أي تفاعل علني معها. ويُرجَّح أنّ هذا الصمت يعكس إدراكاً بأنّ أي مفاوضات أو اتفاقات تُبرم في ظل السلاح والانقسام الداخلي لن تكون جدّية أو قابلة للاستمرار.
بكلمات أخرى، يجب قراءة الصمت العربي والأوروبي الذي هو أيضاً رسالة في حدّ ذاته! إذ يبدو أنّ العواصم العربية والأوروبية تقرأ أيضاً بعيون أميركية، وترى أنّ الظروف اللبنانية الراهنة غير ناضجة لأي تفاوض فعلي، وأنّ أي اتفاق في ظل الإنقسام الداخلي والسلاح غير الشرعي سيكون بلا تطبيق.
في الخلاصة، يبدو أنّ إسرائيل والعالم ينتظرون «لبناناً آخر»، لبنان بلا سلاح «حزب الله»… قبل أي طاولة مفاوضات جدّية.


