المحامي د.زياد بيطار: بعد مخطط نتنياهو.. بات تضامن المسيحيين في الشرق ضرورياً لمعرفة مصيرهم

صرح رئيس التعاون الدولي لحقوق الانسان المحامي د.زياد بيطار ما يلي:

منذ احدى عشرة عاماً أي في 6 وليل 7 من شهر ثمانية 2014  هاجم عناصر الدولة الاسلامية داعش المسيحيين المتواجدين في الموصل و سهل نينوا بالعراق و تم تهجيرهم وقتلهم وسلب ممتلكاتهم وحرق المنازل والكنائس على مدى ثلاث سنوات بدون توقف من الهجمات و هاجر جراء ذلك ما يقارب المليون مسيحي من العراق و ما زالوا يعانون حتى تاريخه من احتلال الفصائل المسلحة لأراضيهم و يتعرضون للإبتزاز اليومي في ظل غياب اجراءات فعالة لحماية حقوقهم وأمنهم و فرص عملهم أي رزقهم وبلغت ابعاد المؤامرة الى وضع اليد المقنعة على كافة أملاك الوقف المسيحي في العراق و هنا انتفض نيافة الكاردينال ساكو الكلي الطوبى بطرك الكلدان في العراق والعالم على هذا الإستهداف فقام بتوكيل عدداً من المحامين و على رأسهم محامي التعاون الدولي لحقوق الإنسان  بالإضافة الى المواقف الداعمة من أصحاب الأيادي البيضاء بشكل عام والكرسي الرسولي بشكل خاص حيث نتج عن هذا التعاون إعادة هذه الممتلكات الى الوقف المسيحي كما كانت عليه الحال منذ القدم.

    ان هذا المسلسل من استهداف المسيحيين لم يكن في العراق وحده بل طال المسيحيين في سوريا أكان من خلال أسر و ذبح وتهجير وخطف بدءأً من خطف المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي من حلب في العام 2013 واللذين لايزالا مجهولي المصير لغاية اليوم ، الى معاناة راهبات معلولة على سبيل الذكر وليس الحصر وهم مازالوا يعانون حتى اليوم من تفجير كنائسهم وآخرها التفجير الانتحاري في كنيسة مار الياس في العاصمة السورية دمشق في 22 يونيو 2025 ومقتل 25 شخصاً و اصابة 60 شخص ،و في الامس القريب اقدمت عصابات على اغتيال مطران حماة نيقولا بعلبكي في كمين مسلح قرب مدينة محردة و أردوه قتيلاً من ثم تم إختطاف سائقه الى مكان مجهول.

     وكما طال مسلسل القتل والتفجير من أقباط ومسيحيي مصر ولأعوام طويلة من تفجيرات الكنائس و التي نالت من كنيسة  القديسين في الاسكندرية عام 2017 و كنيسة(مارمينا) في حلوان بنهاية العام نفسه الى كنيسة مارجرجس وتفجيرها في طنطا الى الكاتدرائية المرقسية في الاسكندرية وغيرها على مدى الاعوام 2016،2013،2012،2011 وآخرها في سنة 2022 حيث تم حرق كنيسة ابوسيفين في محافظة الجيزة مما اسفر عن مقتل 414 شخصاً بما في ذلك 18 طفلاً (ياللعار) وغيرهم.

      وهذا المسلسل القاسي الذي لا ينتهي من القتل و التفجير والاعتداءات و الانتهاكات قد طال من قدسية كنيسة القيامة في فلسطين الى حد منع المؤمنين المسيحيين مزاولة شعائرهم الدينية حتى في أيام الأعياد مثل (سبت النور) حيث أقدمت واعتدت الشرطة الاسرائيلية على المصلين من نساء وكبار السن بالرغم من حيازتهم على التصاريح . وقامت السلطات الاسرائيلية بفرض قيود صارمة على المصلين (واعدادهم بالآلاف).للوصول الى الكنيسة لأداء شعائرهم الدينية  وهذا التجني قديم جداً ويعود الى العام 1971 حيث اقدم اسرائيلي على حرق الكنيسة من خلال تحطيم قناديل اثرية والاعتداء على الرهبان وغيرهم .وحتى اليوم لم تنته هذه المعاناة في غزة و فلسطين فالقصف الاسرائيلي نال من الكنائس في غزة ومنها كنيسة القديس برفيريوس والقديس فيليب المبشر وكنيسة دير اللاتين وكنيسة الراهبات الوردية.

    أخيراُ وليس آخراً طال هذا المسلسل واستهدف مسيحيي لبنان حيث قاموا بخطف وذبح العسكريين العزل وان دل على شيئ فهو دلالة لا تقبل الشك  إن المخطط هو إستهداف المسيحيين المشرقيين. ففي شهر ديسمبر  عام 1999 انقضت الفصائل الأصولية على جيشنا الباسل في قضاء الضنية وخطف العقيد ميلاد النداف مع مرافقه سامي سابا حيث أعدموهما ميدانيا على يد المسلحين وعثر على جثمانهما في جرود المنطقة ، مما أثار غضب وإستنفار وطني واسع في مطلع العام 2000 ومن ثم في 7مايومن العام 2005إنفجرت سيارة مفخخة بين إذاعة صوت المحبة المسيحية وكنيسة مار يوحنا مما أدى الى إصابة 22 شخصا  وفي 13 فبراير من العام 2007حصل تفجير مزدوج لحافلتي ركاب بمنطقة عين علق المسيحية في قضاء المتن وأسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 20 أخرين بجروح  وفي 27 يونيو 2016 هاجم ثمانية انتحاريين بلدة القاع اللبنانية المسيحية الحدودية مع سوريا في منطقة البقاع شمالي لبنان مما أدى إلى إستشهاد 5 مدنيين وإصابة 15 شخصا.

لم يكتف الارهابيين بقتل المدنيين الابرياء بل عمدوا الى الهجوم على مأتم ودفن الضحايا الذين قضوا بالهجوم على بلدة القاع من خلال استهدافهم من قبل 4 انتحاريين مما اسفر عن مقتل عسكريين ومدنيين، إن معاناة المسيحيين في لبنان أدت الى هجرة أعداد كبيرة يطمحون إليها فتضاءلت الأعداد الباقية في البلد الأم لبنان الى ثلث المسيحييم الذين أسسوا دولة لبنان الكبير عام 1920.

فبجرأة الحق نقول لكم ان المكون المسيحي في لبنان هو جزء أساسي ولا يتجزأ من هذا البلد الرائد في رسالته الفريدة في الشرق الأوسط لكن الحقيقة أن المسيحيين خائفين على مصيرهم وعلى وجودهم في ظل هذه الظروف والتغيرات التي تحصل في الدول المجاورة للوصول الى شرق أوسط جديد لا نعرف معالمه وحدوده وتقسيماته .ان قناعاتنا بأن الحل الوحيد هو يكمن بالدولة القوية المتماسكة في لبنان وحصرية السلاح بيد الجيش .

ان ما خُطط للشرق الاوسط من استراتيجيات اميركية اسرائيلية قد عبر عنها وزير الخارجية الأميركي  السابق هنري كيسينجر سنة 1973 من خلال نظرية التقاسم والتقسيم و التوطين في الشرق الاوسط مما يؤمن السيطرة والقوة للكيان الصهيوني وهذه النظرية قد اكملها دين براون عندما دعى المسيحيين لمغادرة لبنان في سنة 1976 بواسطة بواخر لنقلهم الى كندا و الولايات المتحدة الاميركية و ما يحصل اليوم في سوريا من اققتال داخلي في السويداء هو دلالة واضحة على بدء تنفيذ هذا المخطط حيث تبعه مؤتمر الحسكة الذي يدعو الى تقاسم والتقسيم والاستقلالية للمكونات الدرزية و العلوية و المسيحية والكردية .

وهذا ما عزز طموحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث صرح بأنه يريد اسرائيل الكبرى المعروف عنها انها من النيل الى الفرات وبذلك يكون قد اعلن جهارا بانه يريد احتلال الاراضي العربية وطمس القضية الفلسطينية تماشياً مع مخطط كيسنجر الذي يهدف الى تقسيم وتفتيت المنطقة قبل ضم بعض اجزائها من قبل اسرائيل.

بعد هذا المخطط بات تضامن المسيحيين في الشرق ضرورياً  لمعرفة مصيرهم بعد تضاءلهم بأعداد كبيرة  بموجب مخططات قضت عليهم في كل بلد من بلاد الشرق بطريقة افرادية فأصبح لزاماً التضامن فيما بيننا كمسيحيين مشرقيين والتفاعل مع شركائنا في الوطن  لمواجهة المخططات التهجيرية  التي تحاول اقتلاعنا من ارض المسيح .

You might also like