أوضح مطران السريان الكاثوليك في دمشق يوحنا بطاح ما حصل في المقابلة مع الإعلامي طوني خليفة، وكتب على “فايسبوك”:
توضيحًا وتعقيبًا على لقائي المـُقتضب مع الإعلاميّ طوني خليفة
بدايةً، يؤسفني جدًّا ويحزّ في نفسي أن أرى ردّات الفعل العنيفة التي نُشِرت على وسائل التّواصل الاجتماعي وشبكات الأخبار المحليّة، وكميّات الشّتائم والإهانات والتّخوين التي صدرت بحقّي، نتيجةً لاقتطاع بعض الكلمات والعبارات الحسّاسة دون أي اعتبار لما ردّدتُه طوال اللقاء باتّفاقنا جميعًا على طي صفحة النّظام البائد وفتح صفحة جديدة لجميع مكوّنات الشّعب السّوري لبناء سوريا المستقبل.
أوّلًا: ذكرتُ في بداية اللقاء وبوضوحٍ تامّ أنّنا نحنُ السّوريّين جميعًا متّفقون على فرحتنا بسقوط نظام بشّار الأسد، وأنّنا بصدد التّفكير في سوريا الجديدة، سوريا المستقبل. وهذا أمرٌ محسوم لدى الجميع غفلَت عنه عمدًا جحافل السّلبيّين على صفحات الميديا والأخبار.
ثانيًا: رأيي في شكل الدّولة السّوريّة الجديدة واضح وليسَ مدعاةً للسخرية أو التعامي. في سوريا مكوّنات عديدة تنتمي بطبيعة الحال إلى أديان ومذاهب وأعراق ولغات متنوّعة، وهذا الاختلاف يزيد من غنى بلدنا، وهذه المكوّنات تحتاج إلى دولة مدنيّة تنظر إلى الجميع بعين المساواة، وعين المواطنة، مع التأكيد على احترامنا جميعًا للأديان ومذاهبها وشرائعها دون تفرقة أو تمييز.
ثالثًا: بالنّسبة لقضيّة السّجون فقد ذكرتُ بشكلٍ واضح أنّ زياراتنا اقتصرت على السّجون الجنائيّة في سوريا، لا السياسيّة، إذ لم يكن ذلك ممكنًا على الإطلاق. وسؤال الإعلاميّ خليفة حول إذا ما كنّا شاهدنا في تلك السّجون شيئًا، سؤال في غير مكانه، إذ من السذاجة نوعًا ما أن ننتظرَ من الجلّاد أن يعذّبَ ويقتلَ أمام أعيننا. لا أعلم لماذا غفل المـُصطادون عن مساعداتنا طوال تلك السّنوات للكثيرين من المسجونين، ومحاولاتنا إخراج البعض منهم، على قدر الإمكان في ظلّ ذلك القمع والاستبداد من نظام لا يخشى معاقبة أحد مهما ارتفعت سلطته.
رابعًا: اتّهام الإعلاميّ خليفة لنا بصمتنا اتّهام ضعيف فالكثير من رجالات الكنيسة تكلّموا طوال هذه السّنوات وبعضهم طُلب إلى الكنيسة نفيهم خارج البلاد، وبعضهم فُقد وما زالوا غائبين حتّى اليوم. يكفينا اتّهامات وتخوين في مرحلة كان الحكمَ فيها قاسيًا جدًّا، والأجدى بهؤلاء الذين حرّكوا حناجرهم من الخارج أو الدّاخل أن يولوا مسألة البناء أهمية أكبر بكثير من الماضي دون إغفاله لأنّه دون الماضي لن يكون لنا حاضر معافى وسليم.
خامسًا: هل تدعو إلى محاكمة الأسد؟ وهل هذا سؤال يُوجّه إلى مطران أبرشيّ؟ هذا الأمر متروك قطعًا للحكومة الانتقاليّة اليوم أو المظلومين الذين أهينت كراماتهم أو تعذّبوا في تلك السنوات بسبب النظام، أو الذين فقدوا أحباءهم في السّجون وغيرها.
سادسًا: فأمّا المسألة التي أثارها الجميع دون أي فهم لها فكانت تسمية بشّار الأسد بالضحيّة. في الحقيقة لستُ أدري كيف بعد ذلك اللقاء فهم الجميع من هذه الكلمة دفاعًا عن الأسد وهذا مخالف قطعًا لكل شيء ذكرتُه في اللقاء. بشّار كان ضحيّة نظام والده الذي استمرّ بعد رحيله، ضحيّة تجليسه رئيسًا غصبًا عن الدستور والشّعب، ضحيّة نفسه ونظامه الذي أفسد واستبدّ واستباح كل الحرمات، ضحيّة علاقاته الضعيفة بدول الجوار والدول العربيّة وإهاناته المتكرّرة لهم. وختمتُ بأنّ الجميع مدّ له اليد وهو رفض ذلك، وهو الذي جعلَ منّا أخيرًا ضحيّة هذا الجور والفساد وأوصلنا إلى هذه الحال. وأكرّر أنّ كل من انتزع منّي هذه الكلمة ليقوّلني دفاعًا عن الأسد فهو على خطأ، يريد فتنةً غير موجودة عندي.