سورية: «التعافي المبكر» ينطلق: الأمم المتحدة تدشّن صندوقها

الأخبار: علاء حلبي-

بعد أكثر من سبعة أشهر من النقاشات والمداولات ومحاولة تجاوز العراقيل الأميركية، أعلنت الأمم المتحدة، أخيراً، تدشين صندوقها الجديد الخاص بمشاريع «التعافي المبكر» في سوريا، والذي تم تحديد مركزه في دمشق، على أن تبدأ دراسة المناطق السورية «كافة» لوضع خطط مناسبة لها لبدء مشاريعها.

 

وبحسب المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، الذي أعلن تدشين الصندوق، خلال مؤتمر صحافي في العاصمة السورية، فإن هذا المشروع سيستمر لخمسة أعوام، بشكل أولي، ويتضمن أربعة مجالات رئيسية: الصحة والتغذية، التعليم، المياه والصرف الصحي، وسبل العيش المستدامة.

 

ويركز الصندوق بشكل أساسي على مشاريع الطاقة وتوفيرها في المناطق المدمرة بهدف تأمين جودة أفضل للحياة من جهة، وإفساح المجال للعائدين بشكل طوعي إلى بلادهم، من دول اللجوء، سواء المحيطة بسوريا (الأردن، لبنان، تركيا)، أو دول الاتحاد الأوروبي التي كثّفت نشاطها خلال المدة الماضية، بقيادة إيطالية، لتحسين ظروف التواصل مع دمشق، ودعم مشاريع استثمارية للتخلص من عبء اللاجئين.

وخلال المؤتمر الصحافي نفسه، قال عبد المولى، الذي كلّف بإدارة الصندوق، إن «مؤشرات التنمية في سوريا تراجعت، حيث لا يزال أكثر من 1.7 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات منقذة للأرواح ومستدامة»، معتبراً أن «تقديم المساعدات الإنسانية يظل ضرورياً في هذا السياق، ولكنه غير كافٍ لبناء المرونة ودفع التعافي المستدام والشامل».

 

إذ أشار إلى أن هذه الطريقة من المساعدات «تثير مخاوف متعلقة باستدامتها وفاعليتها في سياق عالمي تنخفض فيه المساعدات الإنسانية»، في إشارة إلى تراجع الدول المانحة عن تقديم الدعم الكافي للمشاريع الإنسانية في سوريا، في ظل انشغالها بدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وإسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها ضد الفلسطينيين في غزة، والعدوان المستمر على لبنان.

وفي شرح موجز لآلية عمل الصندوق، أوضح المسؤول الأممي إن «إستراتيجية التعافي المبكر للأعوام 2024 – 2028 تغطي كامل سوريا، عبر نهج قائم على المناطق، وتنطوي على إطار متوسط الأجل ومتعدد السنوات للتخطيط وإعداد البرامج، يهدف إلى تعزيز التغيير النوعي والقابل للقياس والموائم لمختلف السياقات التشغيلية في كل المناطق السورية».

 

وأضاف أن «إستراتيجية الاستجابة الإنسانية تستفيد من تدخلات التعافي المبكر التي بدأت في إطار خطة الاستجابة الإنسانية وغيرها من البرامج، مع التركيز على تعزيز القدرات المحلية، وعبر معالجة الاحتياجات الإنسانية الفورية والحد من الاعتماد على المساعدات المستمرة بمرور الوقت، وتدعم التدخلات المستدامة التي تستجيب للنوع الاجتماعي».

 

مددت دمشق الرخصة الممنوحة للأمم المتحدة لإدخال المساعدات عبر معبرين

وفي وقت رأى فيه عبد المولى أن تلك المشاريع «ستعمل كأداة لا تقدر بثمن لضمان التقدم الملموس والمساعدة في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة السورية لضمان نهج مستدام للصمود»، أشار بشكل غير مباشر إلى العراقيل التي وضعت أمامها.

 

ولفت إلى أن تدشين الصندوق جاءت بعد «أشهر عدة من العمل الذي قامت به منظومة الأمم المتحدة»، مضيفاً أن «هذه الخطة القوية تؤكد التزام الأمم المتحدة بتعزيز الصمود والتعافي المستدام في سوريا، ومعالجة الاحتياجات الفورية مع وضع الأساس للاستقرار والتنمية على المدى الطويل».

ويمكن النظر إلى الخطة الأممية الجديدة لدعم مشاريع «التعافي المبكر»، بالإضافة إلى توافقها مع المتغيرات الدولية، على أنها خطوة استفادت إلى حد كبير، من الانفتاح العربي على دمشق. وكانت «المبادرة العربية» قد وضعت دعم هذه المشاريع على رأس أولوياتها، الأمر الذي أكدته وثيقة تم تسريبها في شهر أيار الماضي حول مسودة إنشاء الصندوق الأممي المستقل في دمشق.

 

إذ أشارت الوثيقة إلى أن المسؤولين الأمميين يتوقعون تمويل الصندوق من قبل دول عربية، على رأسها دول الخليج، لما يوفره «التعافي المبكر» من بيئة مناسبة للمضي قدماً بالمبادرة المشار إليها.

في غضون ذلك، مددت الحكومة السورية، بقرار سيادي، الرخصة الممنوحة للأمم المتحدة لإدخال المساعدات عبر معبري باب السلامة والراعي في ريف حلب، لمدة ثلاثة أشهر إضافية، تنتهي في 5 شباط القادم.

 

ويأتي التفويض الجديد، وهو الثامن من نوعه، لتسهيل عمل المنظمات الأممية في الشمال السوري المكتظ بالسكان والنازحين المنتشرين في مئات المخيمات البدائية، والتي تعاني نقصاً حاداً في المساعدات اللازمة للحياة في ظل تراجع قدرة المنظمات الأممية على تقديم الدعم في ظل نقص التمويل.

 

إذ لم تعبر خلال التفويض السابع لإدخال المساعدات (بين آب و5 تشرين الثاني الحالي)، هذين المعبرين، إلا 15 شاحنة فقط، دخلت عبر معبر باب السلامة، فيما لم يسجل دخول أي شاحنة عبر معبر الراعي، وفقاً لتقرير نشره فريق «منسقو الاستجابة»، الذي ينشط في مناطق سيطرة الفصائل شمالي البلاد.

 

وفي سياق متصل، أعلن الهلال الأحمر السوري توقيع مذكرة تعاون مع منظمة «التطوع الدولي» من أجل التنمية الإيطالية لتنسيق الشراكة الإنسانية بين الجانبين، في ما يخص تقديم المساعدات الإغاثية للمتضررين ومن يحتاجون إلى المساعدة على امتداد سوريا.

 

كما بدأت منظمات أوروبية أخرى العمل على تقديم الدعم للوافدين من لبنان (أكثر من ثلث الوافدين من السوريين النازحين سابقاً)، من بينها المنظمة الفنلندية للإغاثة، التي أعلنت تأهيل مدرسة، وتنفيذ مشروع لدعم الأطفال المتسربين من المدارس، لردم الفجوة التعليمية وتشجيع هؤلاء على العودة إلى مقاعد الدراسة.

You might also like