جبران باسيل: إغتيال سياسي وشخصي مستمر منذ نكبة 17 تشرين… (سامر الرز)

سامر الرز –

لم يكن ينقص رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل سوى حادثة إختطاف حسين أمهز، حتى يعود اسمه لتصدّر العناوين، وفتح الباب مجدّدًا أمام موجة من الانتقادات والهجوم الشخصيّ الّذي يستهدفه.

لقد بدأت جوقة النّشاز هذه منذ نكبة ١٧ تشرين ٢٠١٩، حين واجه جبران باسيل ضغوطات سياسيّة وإعلاميّة غير مسبوقة من خلال هجمة من كلّ النّواحي الهدف منها كان: شلّ باسيل وكسره وكأنه المسؤول الأوحد عن الأزمات كافّة الّتي يمرّ بها لبنان.
وقد أصبح باسيل منذ ذلك التّاريخ المشؤوم رمزًا لكلّ مشكلات البلد، ليتعرّض لحملات إعلاميّة مغرضة وليصبح اسمه على لسان كثُر من أبواق الجماهير الّتي لا تفهم من السّياسة سوى معنى الكلمة بدون النّظر بموضوعيّة لما قدّمه وما حاول أن يحقّقه ولا يزال.
وتتنوّع الهجمات الّتي يتعرّض لها من اجتزاء لتصريحاته، وتحريف لكلماته، ونسب أفعال وأقوال له بهدف تغيير سياق كلامه وإظهار رسائل لم ولن يقصدها.

وما يثير التّساؤلات هنا أنّ هذه الحملات الإعلاميّة غالبًا ما تعتمد على إعلاميي الصّحافة الصّفراء، المعروفين بأهدافهم في تضليل الرّأي العام. فيُقتبس كلام له ويُفصل عن سياقه، أو يجري تغليفه بقوالب معروفة وجهاتها لتحميله معانٍ لا يقصدها، وكل ذلك لإظهار صورة تتلاءم مع أجندات من يقفون وراء الهجمات: صورة جبران الّتي تليق به كلّ التّهم.
واللّافت أن هذا التّناول الانتقائي لا يطال غيره من السّياسيّن اللّبنانيّين، الّذين يتبنّون أحيانًا مواقف مشابهة، أو حتى يتخّذون خطوات رسمها باسيل قبلهم بدون أن يتعرّضوا لأي هجوم أو رفض.

كلّ هذا يشير إلى أن هناك نوعًا من “الشيطنة” المتعمّدة الّتي تُمارَس ضدّ جبران، والّتي تدفع بالبعض لتجاوز المسائل السّياسيّة إلى حياته وحياة عائلته الشّخصيّة بأهداف إنتقاميّة. كلّ تلك الحرب السّياسيّة على جبران لأنّه يمثّل تيّارًا قويًّا يؤمن بمشروع وطنيّ عابر للطّوائف ويشدّد على السّيادة والاستقلاليّة واللّبنانيّة الصافية.

وعلى المستوى الشّعبيّ، الّذي ينساق بمعظمه، من خلال وسائل التّواصل، إلى الأكاذيب والأضاليل فنجد أنّ الشّارع اللّبنانيّ قد تأثّر بشكل كبير بما يُنقل بدون قدرة أو محاولة للتّمييز بين الصّح والخطأ.
وساهم بعض الإعلام الكاذب في تعزيز صورة سلبيّة تجاه باسيل لا تستطيع حتّى الحقائق كسرها.

ومن هنا، تأتي الدّعوة للعقلانيّة وللتّحليل الهادئ قبل إصدار الأحكام. فعلى الجماهير، بمختلف انتماءاتها، أن تدرك أن الحكم على الأشخاص في السّياسة ينبغي أن يكون مبنيًّا على الحقائق والمواقف الواقعيّة، وليس على العواطف أو الانطباعات السّطحية التي قد تستغلّها جهات خارجيّة وداخليّة لتحقيق مصالحها على حساب الواقع السّياسي في لبنان.
إن ما يدفع ثمنه جبران اليوم ليس سوى إصراره على مواقفه الثّابتة، حتّى ولو كانت تلك المواقف غير شعبيّة لدى البعض أو متعارضة مع مصالح قوى محليّة، إقليميّة ودوليّة. وهو وبالرّغم من العقوبات والتّجريح المتواصل، ثابت لا يهتزّ يحافظ على موقعه في السّاحة السّياسيّة اللّبنانيّة وفي التيّار الوطنيّ الحرّ الّذي يترأّسه ملتزمًا بالمبادئ الّتي أسّس لها الجنرال وقام عليها التيّار، ومؤمنًا بأهميّة مواصلة مشروعه الوطنيّ.

أمّا للدّائرة الأكبر فالرّسالة واضحة: ينبغي لها أن تتحلّى بالوعي وبالموضوعيّة في تحليل ما يُنشر ويُقال، بدون التّسرّع في إصدار الأحكام. فقد تُستغل العواطف، سواء كانت مبنيّة على معتقدات دينية أو طائفيّة، في تعميق الشّرخ أحيانًا وتغذية الشّكوك تجاه شخصيّة باسيل، مما يسهم في اغتياله سياسيًّا ومعنويًا ويفتح المجال لخصومه بتحقيق مكاسبهم على حسابه ولو ركبوا القطار الخطأ ووصلوا إلى المحطّة غير المقصودة.
ولا ننسى أنّ التّحالفات كيفما جاءت اتّجاهاتها فهي كموج البحر في مدّه وجزره، في هدوئه وركوده وليست كانصهار الذّهب بالمعدن. فجبران هو جبران لا إضافة عليه ليكتمل بقوّته على السّاحة وبرؤيته للمستقبل. فحين يّخطئ الآخرون، يقع عليهم الخطأ دون غيرهم بخاصّة إن جاهر جبران بمواقفه الواضحة بأكثر من خطاب.
جبران باقٍ، صامدٌ، في حركته ورؤيته وأقواله. هو الّذي لا ينام ولا يسمح لمن معه بالنّوم. والاغتيال مهما كانت أدواته لن تثنيه لن تبعده لن تلغيه.

You might also like