النهار – وجدي العريضي
ما زال ملف النازحين السوريين يتصدر واجهة التطورات والأحداث واللقاءات والمؤتمرات في الداخل والخارج، وسط اقتراحات من هذا الفريق وذاك من أجل عودتهم إلى ديارهم، في ظل تعقيدات وصعوبات تشي بعدم القدرة على الخروج بنتائج، من شأنها أن تؤكد أن العودة باتت قريبة، نظراً لكونها تحتاج إلى توافق داخلي، وصولاً إلى قرار دولي كبير، هذا الأمر الذي يقر به المواكبون والمتابعون لهذه المسألة. وفي معلومات لـ”النهار”، إن روسيا كانت بصدد إقامة بيوت جاهزة وعصرية بعد الحدود اللبنانية السورية، وتحديداً بعد جديدة يابوس، وكان يحصل آنذاك التنسيق والتواصل بين المعنيين في هذه المسألة، وتولاها السفير الروسي السابق في لبنان أوليغ زاسبيكين، وكان من مهامه بناءً على توجّهات إدارة بلاده التنسيق مع السوريين، وذهب إلى دمشق والتقى بأكثر من مسؤول سوري، لكن لم ينجز أو يستكمل هذا البحث، فزاسبيكين أحيل على التقاعد وخلفه السفير الروسي الحالي ألكسندر روداكوف، بالإضافة إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية حالت دون قيام موسكو بدورها ومتابعة هذا الملف.
أما في الشق الداخلي، فبعد المؤتمرات المتتالية محلياً من معراب إلى جلسة مجلس النواب التي خُصّصت لموضوع النازحين بناءً على اقتراحات الحكومة، أقدمت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان على وضع اقتراحات وآلية لموضوع النازحين وتنظيم وجودهم، وسبق للنائب كنعان أن كان له أكثر من موقف في هذا السياق، يتناول الشق القانوني بعيداً عن سياسات أخرى، لأن الهدف المنشود عودتهم إلى ديارهم، وتنظيم وجودهم في لبنان بشكل شرعي، وأخذ على عاتقه هذه المسألة التي كانت موضع نقاش في لجنة المال.
من هذا المنطلق، جاء اجتماع لجنة المال والموازنة لتنظيم شؤون النازحين، والسؤال: ما الذي اختلف عن الجلسة العامة التي أقرّت سلسلة مقترحات بناءً على توصية الحكومة، وحظيت بإجماع النواب، إلا أن ما صدر عن اجتماع اللجنة أمس، كان أمراً لافتاً وجديراً بالمتابعة، باعتبار أن القرارات والمقترحات وعملية التنظيم، جاءت مدروسة بشكل قانوني، بعيداً عن كل السياسات الشعبوية والمزايدات، ووضعت الأمور في نصابها، على أن تكون بمثابة خريطة طريق لعملية تنظيم النازحين، لأن ما اتخذته اللجنة من قرارات مغاير عن الجلسة العامة ومقترحاتها التي تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذه، أما الأساس الذي تنادي به سائر الشرائح اللبنانية، فهو تنظيم وجودهم وفق الأسس القانونية، مما يوفر على الخزينة أعباءً كبيرة، بمعنى وضعهم القانوني والإقامات وسوى ذلك.
ويقول النائب إبراهيم كنعان لـــ”النهار”، إنه يفترض طرح سلة تشريعات على طاولة جلسة تشريعية في أقرب فرصة ممكنة، لمعالجة الوجود السوري غير القانوني الذي يؤثر على لبنان في كل المجالات والميادين، وهذه مسألة أساسية وطنية سيادية يجب الإقرار بها، لافتاً إلى أن اللجنة أنجزت تنظيم الداخلين بطرق غير شرعية خلال ثلاثة أشهر، كذلك طرح فرض عقوبات على المخالفين، إذ لا يجوز لهم طلب اللجوء.
ويتابع كنعان قائلاً: لقد أنجزنا قانون تنظيم النازحين الداخلين بطرق غير شرعية خلال ثلاثة أشهر، كما طرحنا فرض عقوبات، إذ لا يحق لأي مخالف تقديم طلب لجوء، وكل نازح مخالف سيرحل بعد ثلاثة أشهر من إعطائه فرصة لتسوية أوضاعه، فلبنان ليس أرضاً سائبة على الإطلاق، وهذا ما يجب أن يؤخذ في الحسبان.
ويضيف النائب كنعان: ليس ثمة تناقضات أو ما هو الفرق والجديد بين المقترحات التي أقرت في جلسة مجلس النواب الأخيرة حول موضوع النازحين والمخصصة لهم، لكن كلجنة مال وموازنة، وكنائب منتخب من الناس وما أمثل أكان على صعيد منطقتي أم على الصعيد الوطني العام، لا بد من أن نأخذ هذه المسألة بإطارها القانوني والتنظيم هو الأساس، لأنه مكمن الداء، إذ لو كان هناك تنظيم وآليات قانونية ومحاسبة ومتابعة ومواكبة، لما وصلنا إلى هذه الحال اليوم.
من هذا المنطلق يختم كنعان: وضعنا آليات تنظيمية وقانونية من شأنها أن تنظم الوجود السوري، وتلاحق المخالفين وتحفظ سيادة البلد، وهذا يجب أن يتابع من خلال الوزارات المعنية والأجهزة الأمنية المختصة، بعيداً عن أي اعتبارات وسياسات أخرى، فهذا ما قمنا به، وباعتقادي ذلك المنطلق الأساسي لتنظيم وجود النازحين، لأن ما أقررناه في لجنة المال من خلال هذه العناوين مدخل واضح وحاسم لتنظيم وجودهم على الأراضي اللبنانية، وإن لم تكن هناك عقوبات صارمة وفترات زمنية محددة وتعاون بين الحكومة ومفوضية اللاجئين، فإن كل ما يُقال سيكون مجرد “كلام فاضي”.