من المؤكد أن البدايات تكون صورة عن الأحلام التي تراودنا ونسعى لتحقيقها ، قناعة منا أن هذه الأحلام هي انعكاس لرغباتنا في تحقيق ما نصبو اليه ، وعندما أطلق شاتوبريان مقولته الشهيرة : يجب قيادة الفرنسيين بالأحلام ، كان يدرك جيدا أن هذه الاحلام ستتجسد نضالا مستمرا وثورة على طريق بناء الدولة العادلة .
هذه الأحلام بالذات سكنت مخيلة اللبنانيين بأكثريتهم من مسلمين ومسيحيين مع اطلاق الجنرال عون لصرخته المدوية ( يستطيع العالم سحقي ولكن لن يستطيع اخذ توقيعي ) هذا الموقف العاطفي أثار لدى الكثير من اللبنانيين روحا خمدت طوال حرب عبثية ، دمرت البلد ومزقت الكيان .
لتتمثل هذه الصرخة بداية حلم بالخلاص من الفوضى وحكم الميليشيات التي عاثت فسادا وقتلا وتشريدا ، وفرقت اللبنانيين على مختلف طوائفهم وفئاتهم ، واستطاع الجنرال عون بشخصيته الوطنية الاستثنائية أن يجمع حوله ومعه الكثير من المسلمين وفي مقدمتهم المفتي الشهيد حسن خالد ، ووجدوا فيه القائد الذي تتجلى فيه القيم الوطنية والبعيد كل البعد عن اصطفافات الميليشيات الطائفية، وقد قاتل الى جانبه الكثير من الجنود في الجيش اللبناني من عكار واقليم الخروب والجنوب وارتقى العديد منهم شهداء على مذبح الحرية والسيادة والاستقلال.
وقد أورد دانيال روندو في كتابه ( التمرد) ان أغلب اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين آمنوا بربيع بيروت مجسداً بالجنرال عون.
وخلال سنوات المنفى الطويلة في فرنسا عانى الكثير من المسلمين للإضطهاد والتنكيل نتيجة لموقفهم الداعم للجنرال عون، وعند عودته سنة 2005 واطلاق التيارالوطني الحر رسمياً، انتسب الكثير من المسلمين في صفوف التيار ولا سيما العسكريين المتقاعدين الذين قاتلوا الى جانب الجنرال خلال حرب التحرير بالاضافة للكثير من النخب الشابة التي وجدت في نهج التيار والقيم التي ينادي بها متنفسا مابين الأحزاب ذات الطابع الاسلامي المتشدد أو اليسارية او تلك القومية والبعثية. ولم تنجح محاولات شيطنة التيار او اتهامه بالطائفية والعنصرية في ثني هذه النخب في الانخراط في صفوف التيار، وأثبت التيار بالممارسة أنه تيار جامع وعابر للطوائف والمناطق ويسعى لبناء الدولة المدنية حيث يتساوى جميع المواطنين بالحقوق والواجبات ولا تطغى فئة على اخرى .
وهذا ما يعبر عنه رئيس التيار الوزير جبران باسيل في ان المسلمين هم في صلب التيارالوطني الحر تماما كأخوانهم المسيحيين.
وبالتالي لا أحد بمقدوره أن يزٌور تاريخ وحقيقة التيار الوطني الحر المتنوع كتنوع المجتمع اللبناني. وسنكون نحن المسلمين في التيار الوطني الحر نواة دفاع عن حقوق اخوتنا المسيحيين عندما يتعرضون للتضييق او للسطو على الصلاحيات الدستورية ، كما كانوا هم دعاة للعدالة ولكشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وسنرفض تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية وابتداع مصطلحات واهية وممارسات غير صحيحة مثل حق القيادة وانتهاك المادة 65 من الدستور وعرقلة انتخاب لرئيس الجمهورية، كما دافع رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار ورئيسه عن حقوق المسلمين وموقع رئاسة الحكومة ورفض الاستقالة القسرية للرئيس سعدالدين الحريري من الرياض والعمل على رفع المظلومية عنه.
هكذا نحن أبناء التيار الوطني الحر ، دعاة بناء الوطن وسيادة الدولة واحترام الدستور وصون الكيان.
*عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر