في الفترة التي يستمر فيها “تقطيع الوقت” الرئاسي، يصر أركان المنظومة السياسية على الآليات والأفكار نفسها التي لم تقدم يوماً حلاً بقدر ما كانت لغشّ اللبنانيين وإيهامهم بأن هناك “حواراً” حقيقياً، في الوقت الذي لا يكون فيه إلا مجرد وسيلة للفرض عبر حياكة كل الأطر اللازمة لتمرير رأيٍ أحادي لكن بلباسٍ سياسيٍ ناعم وقفازات.
فرئيس مجلس النواب نبيه بري أبدى إصراراً على صيغته التقليدية لهذا الحوار التي تجمع كل الكتل والقوى السياسية وتساوي فيما بينها على الرغم من اختلاف الأحجام، وذلك لتأمين الحشد اللازم لدعم وجهة نظر معينة في الملف الرئاسي. كما أن بري يتمسك برفض وضع أيّ ضوابط لهذا الحوار سواء على مستوى البرنامج أو المدة الزمنية، منعاً لاجترار المواقف نفسها وتوجيه الحوار إلى ما يتجاوز الغاية الأساسية وهي انتخاب رئيس لكن ملزم بخارطة طريق واضحة.وبهذا الإصرار الذي جدده اليوم بري كما نُقل عنه في صحيفة “الأخبار”، يكون ضربَ بعرض الحائط كل التحذيرات التي عبّر عنها التيار الوطني الحر وآخرها ما شدّد عليه الوزير جبران باسيل بالأمس بتمسكه بوضع برنامج وأطر لهذا الحوار وإخراجه من الصورة التقليدية، لكي يكون ناجحاً وذات معنى.
بذلك يصبح حوار نبيه بري مهدداً بفقدان الميثاقية المسيحية في ظل استمرار الرفض المطلق أيضاً من جانب القوات اللبنانية، وفي حال أصر على انعقاده يكون لزوم ما لا يلزم وإنقاذاً لماء وجه رئيس المجلس.
على خط موازٍ، يسهم التحرك القطري أيضاً في تعبئة الفراغ عبر محاولة طرح بعض الحلول للأزمة الرئاسية ومن بينها إضافة أسماء رئاسية جديدة بات معروفاً أنها تشمل اللواء الياس البيسري والوزير السابق زياد بارود. لكن دون الوصول إلى الحلول استعداد القوى الفاعلة للتراجع عن رهاناتها على البازار الإقليمي – الدولي على حساب الأساسي والمطلوب من رئاسة جمهورية لبنان، وفي طليعتها الإلتزام بتطبيق برنامج إصلاحي مالياً واقتصادياً، خاصة في ظل استشراس المنظومة المصرفية – السياسية لإيقاف كل البرامج الإصلاحية الجدية تحت عناوين خداعة.