وزير كاد يورِّط زملاءه… «تجرَة مخدرات» على طاولة مجلس الوزراء اللبناني!؟

رلى إبراهيم

رفض مجلس الوزراء طلب وزير الزراعة الموافقة على بيع المحصول الحالي من الحشيشة، خلافاً للقانون الذي يوجب تلفه، بعدما كادَ أن يُورِّط زملاءه بجريمة مخدرات

كاد وزير الزراعة نزار الهاني المحسوب على الحزب التقدمي الاشتراكي في جلسة الخميس الفائت، أن يورِّط زملاءه الوزراء بجرم التدخل في «تجرَة مخدرات»، لولا تدخل الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية.

إذ عرض الهاني طلب الهيئة الناظمة لزراعة القنب الهندي بيع محصول الحشيش بدلاً من تلفِه، وفقاً لموجبات قانون المخدرات. ما يعني أن وزيراً في الحكومة اللبنانية حاول القفز فوق القانون، الذي يُجرِّم بيع الحشيش والإتجار به، عبر نيل موافقة مجلس الوزراء ليُغطِّي نفسه والهيئة الناظمة. بشكل أوضح، كان وزير الزراعة على وشك أن يُحوِّل كل وزير في الحكومة إلى متدخل في جريمة الإتجار بالمخدرات ومُقترف لها، لو لم يبلغهم الأمين العام لمجلس الوزراء أن مجرَّد الموافقة على تمرير البند يجعلهم في عدادِ المروجين للمخدرات.

رغم ذلك، أصرّ الهاني على تمرير البند من منطلق تصريف إنتاج «المزارعين» وعدم تعريضهم لخسارة مالية كبيرة. وقدّم مطالعة أعدتها الهيئة الناظمة حول إعاقة القانون لعملها أو بالأحرى لما تنوي القيام به.

فالقانون الصادر في 28 أيار 2020 المتعلق بترخيص زراعة القنب للاستخدام الطبي والصناعي يوجب على كل راغب في الزراعة أن يستحصل على ترخيص أو إجازة لاستيراد البذور أو تأصيلها محلياً أو استيلاد الشتول وبيعها وزرعها وحصاد المحصول وتحويل المواد الأولية ثم معالجتها وتخزينها وتصنيعها ليصار إلى بيعها ونقلها في المراحل كافة أو تصديرها كمستحضرات طبية وصيدلانية.

ويفرض القانون أن تخضع كل تلك المراحل لرقابة الهيئة الناظمة التي تقوم بدورها بتحديد النطاق الجغرافي لزراعة القنب، وتضع الشروط اللازمة لاستخدام المواد والبيع. وفعلياً، بات الأمر ممكناً ابتداءً من 17 تموز 2025 نتيجة تعيين مجلس الوزراء أعضاء مجلس إدارة الهيئة ورئيسها (داني فاضل، مقرب من النائب تيمور جنبلاط).

فور تعيينه، بدأ فاضل التحرك سريعاً. فنظم جولات ميدانية برفقة أحد «الخبراء» شملت البقاع والشمال، حيث التقيا بمن سموهما «مزارعين»، أبدوا، على ما قال فاضل، تعاوناً كاملاً مع الدولة والتزموا بتصريف الإنتاج عبر القنوات الشرعية حصراً!

ويبدو من ذلك، أن فاضل منح تجار المخدرات أملاً بتصريف إنتاجهم وبيعه بطريقة «شرعية» من دون أن يشرح الآلية التي ينوي اعتمادها في ظلّ عدم تشريع الحشيشة في لبنان، ووجود قانون يجرم زراعتها واستخدامها وبيعها.

وعلمت «الأخبار» أن فاضل سعى إلى اصطحاب بعض الضباط والقضاة معه، غير أن هؤلاء وفور معرفتهم بتوجهه إلى حقول الحشيشة، رفضوا مرافقته من باب رفضهم الجلوس مع مطلوبين وأفرادٍ صادرة بحقهم أحكام قضائية، عدا عن تورط بعضهم بقتل عناصر من الجيش اللبناني وإطلاق النار عليهم.

لذا، لم يجد فاضل سوى «الخبير»، ليجول معه على تجار المخدرات ويفاوضهم على محصولهم. أعقب تلك الجولة إرسال الهيئة كتاباً إلى مجلس الوزراء عرضت فيه العراقيل التي تحول دون تمكينها من وضع نظامها الداخلي والمراسيم التطبيقية التي تسمح بإصدار التراخيص الرسمية. وطلبت بعد موافقة غالبية أعضائها (4 من أصل 7) الموافقة على منحها بصورة استثنائية ولمرة واحدة الحق بتصريف ما سمته «الإنتاج الوطني».

وبررت طلبها بأن المزارعين حصدوا محاصيلهم وخزنوها في منازلهم، بما يجعل عملية التلف مستحيلة، عدا عن «الاضطرابات الأمنية» التي قد تحصل جراء محاولة تلف بضاعتهم. ووضعت طلبها تحت عنوان «تأمين مصدر مالي لزيادة الناتج المحلي ورفد مالي لخزينة الدولة».

أما الأعضاء الرافضون، الذين مثّلوا الرأي الثاني، فرأوا أن قانون المخدرات لا يزال سارياً، ما يوجب إتلاف المحصول فوراً. بمعنى أوضح، يعتبر محصول الموسم الحالي غير شرعي، ومن قام بزرعه كان ينوي بيعه لتجار المخدرات، وبالتالي هم أشخاص قيد الملاحقة القانونية. عدا عن ذلك، فإن تصريف المحصول من شأنه تسهيل أعمال تبييض الأموال ويشكل مخالفة لكل المعاهدات الدولية واتفاقيات المخدرات.

بعد ذلك، حاول وزير الزراعة خلال الجلسة «لفلفة» الطلب المخالف للقانون، عبر القول إن ثمة امرأة أميركية مستعدة لشراء كل المحصول والتكفل بنقله، ما قوبل بمعارضة حادة من زملائه، في حين سخر وزير المال ياسين جابر، بالقول: «هل يفترض بنا أن نجتمع بنوح زعيتر الآن؟».

ثم عُرض الأمر على التصويت، فرفض أكثرية الوزراء، واعتمدوا الخطة المقترحة من قبل رئيس مكتب مكافحة المخدرات المركزي لتلف الأراضي المزروعة بنبتة الحشيشة.

You might also like