كثر الحديث مؤخرا عن ارقام وتقديرات أولية، تشير الى ان البلوك رقم 9 ،حيث يوجد حقل قانا، يحتوي على نحو 4.4 تريليون قدم مكعبة من الغاز، موزعة على ثلاث آبار وهذه الكميات تفوق احتياطات حقل كاريش داخل المياه الفلسطينية المحتلّة. وبناء على كل ما تقدم فإن لبنان يعوّل على وجود الغاز الطبيعي كونه أنظف الهيدروكربونات احتراقًا، حيث ينتج عنه نحو نصف ثاني أكسيد الكربون وعُشر ملوثات الهواء التي تنبعث من الفحم عند احتراقه لتوليد الكهرباء.
وفي حال كان يتواجد بوفرة في المنطقة التاسعة، فإن مشكلة انقطاع الكهرباء العمومية ستُحل، كما سيتم وضع لبنان على الخارطة النفطية، الى جانب تأمين فرص عمل للشباب. وإذا ظلّ الاستهلاك عند المستويات الحالية عالميا، فستتوفر موارد الغاز القابلة للاستخراج لحوالي 230 عاماً.
حتى اللحظة الأرقام المتداولة “حكي صالونات”
على خطٍ غازي متصل، اكدت الخبيرة في شؤون الطاقة والغاز لوري هيتايان في حديث لـ “الديار” على “ان الأرقام التي يتم تناولها غير دقيقة، اذ ان المعنيين الأوائل في هذا الملف أي شركة توتال الفرنسية وقطر للطاقة، لم تشاركا أي تقديرات بل اكتفتا بتقديم خطة عمل حتى الساعة فقط، ومعهما شركة ايني الإيطالية”.
اما عن انشاء محطات التغويز لتوليد الكهرباء فقالت: “إذا لم نعثر على مقدار كبير من الغاز ليتم تحويله الى غاز سائل، فيكفي تأسيس محطة واحدة، لان البلد لا يحتاج الى أكثر، وعندما يصل الغاز الى هذه المحطة سيتم تحويله الى غاز طبيعي، وبهذه الطريقة يمكننا انتاج الكهرباء. وسابقا، تم الحديث عن تشييد محطات (FSRU)، وهي جزء لا يتجزأ من عملية تشغيل محطات توليد الطاقة في لبنان على الغاز الطبيعي، والهدف من ذلك هو لتقليل التكاليف وزيادة الفعالية وخفض التلوث”.
وأوضحت “لا يمكننا حاليا معرفة او تقدير الكميات المتوافرة من الغاز في اماكن الحفر، لان الغاية من التنقيب الاستكشاف والتأكد، لذلك الى ان يتم الحفر وتقييم الغاز الذي سيتم اكتشافه لا يمكن الافصاح عن أي كميات، لمعرفة إذا كان بالإمكان تطويره لنقله الى غاز طبيعي حتى يصبح صالحا للاستخدام”. اضافت: “نحن بانتظار النتائج، والكلام عن الارقام قد يخلق لاحقا مشاكل وخيبات امل وتقاذف اتهامات، وجلّ ما نحتاجه راهنا الهدوء والانتظار، وامامنا حوالي 40 او 50 يوما من النبش، وعلى هذا الأساس يمكننا اعلان كيفية استثمار هذه الثروة لصالح لبنان وتطويرها”.
3 سيناريوهات
وتابعت “يجب ان نترقّب توتال وشركائها لإعلان خطة العمل، في حال كانت الكميات وفيرة وقابلة للإنماء وقرروا استكمال اعمال الحفر للاستثمار والتصدير، وحتى ذلك الوقت نحن امام 3 سيناريوهات مطروحة هي: اما لا يوجد، او يوجد كميات قليلة او ان الكميات كبيرة وقابلة للاستثمار. اما إذا عثر على الغاز في النقطة الواقعة ما بين لبنان و”اسرائيل”، فتوتال ستُبرم اتفاقا ماليا مع الاخيرة مقابل حصتها، لتبدأ توتال العمل من الجانب اللبناني وتطويره. وإذا وجد في المنطقة الاقتصادية اللبنانية، فأوتوماتيكيا ستضع توتال وشركائها خطة العمل، وعلى ضوئها يتم تحديد التوقيت الدقيق للشروع بأعمال الانماء، وعلى هذا الأساس فقط سيتم الإعلان عن المنصة التي ستُستخدم لإنتاج الغاز، وعن البنى التحتية المطلوبة لاستثمار هذا الغاز في الداخل، او في حال تم تصديره الى الخارج، وتحديد الأسواق التي سيُصرّف من خلالها، ومن سيدفع التكاليف المترتبة”.
الغاز ومحطات التغويز
على خطٍ مواز، اوضح مهندس ميكانيكي لـ “الديار” ويعمل في مطمر الناعمة “ان محطات توليد الطاقة بالغاز تُسخّر التوربينات لإشعال الغاز، وإنتاج غازات قابلة للاحتراق لتشغيل المولدات. كما تولد محطات توليد الغاز الطبيعي نسبة أقل من انبعاثات الغازات الدفيئة عن غيرها من محطات توليد الطاقة، التي تستخدم الفحم والبترول لتشغيلها في عدة دول”.
وأردف “التغويز هو عملية تحويل المواد التي تحتوي في تركيبتها على الكربون مثل الفحم والكتلة الحيوية الى اول أكسيد الكربون والهيدروجين، بتفاعل المواد الخام عند درجات حرارة عالية مع كميات من الاوكسجين المُتحَكّم بها، لينتج عن هذه العملية مزيج غازي يدعى غاز الاصطناع، وتعتبر هذه العملية فعّالة لاستخراج الطاقة”. وقال: “التغويز مصطلح يقوم على تحويل الغاز المسال الغير قابل للاستعمال في محطات توليد الطاقة الكهربائية، الى غاز جاهز للاستعمال. وهو أيضا عملية كيميائية او عملية تسخين تُعتمد لتحويل مادة ما الى غاز. وإنتاج أنواع الوقود الغازي بالتفاعل بين مواد ساخنة ذات محتوى كربوني وبين الهواء او البخار او الاكسجين، وتتم هذه العملية في درجة حرارة عالية جدا، ويتسم ناتج التغويز بأنه خليط من الغازات القابلة للاشتعال ومركبات القار مع جسيمات أخرى وبخار الماء”.
واضاف “محليّاً، يمكن لمعامل الكهرباء الجديدة العمل على الغاز، ويستطيع لبنان في حال وجد الغاز الطبيعي في المنطقة التاسعة الاستفادة منه دون اخضاعه الى عملية تسييل، ويمكن لمعملي الجيّة الجديد (2) والذوق الجديد (2) العمل على الغاز، الى جانب معملي دير عمار والزهراني بسلاسة. لان هذه المعامل تم تجهيزها مسبقاً، لتحويلها من العمل على الفيول الى الغاز، لذلك فإن نقلها ليس امرا معقّدا”.
هكذا يُمكن للبنان الاستفادة من الغاز
ولفت “الى ان اهمية استخراج الغاز الطبيعي اقتصادياً من البلوك رقم 9 تزداد يوما بعد يوم، لان الغاز هو من اهم مصادر الطاقة الصديقة للبيئة، ويساعد في رفع اقتصاد البلد على مدى سنوات طويلة، من خلال بناء محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية تعمل على الغاز”. واشار الى “وجود العديد من الصناعات التي تعتمد على الغاز متل الصناعات البلاستيكية والمعامل الصناعية كافة. وايضا يمكن توظيفه في المواصلات عبر استخدام سيارات وباصات تعمل على الغاز. كما يساهم في تمكين اتصالنا بالأسواق الاوروبية والاسيوية. كما ان اعتماده في الاستعمال السكني اقل نفقة مقارنة بتكلفة الكهرباء لأنه من أحسن مصادر الطاقة ويستخدم ايضا في المؤسسات التجارية والتربوية وفي التدفئة المركزية وتسخين المياه والتبريد (المكيفات)”.
ولفت الى انه اقل ضرراً بحيث يحترق بشكل كامل ويؤدي الى ظهور ثاني اوكسيد الكربون، عوضا عن الكثير من الغازات السامة وتكلفته الانتاجية أدني، ويوجد 3 أنواع من الغاز الطبيعي: البروبان والميثان والايثان”.
وختم المهندس الميكانيكي مبيّنا “ان هذا الغاز سيساهم في إدراج لبنان على خارطة الطاقة العالمية، وقوة الشراكة مع السوق العالمي، وفي تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتعزيز التنمية الصناعية، ايضا تعتبر صادرات الغاز مصدرا هاما للعائدات ولتعزيز العملة الوطنية وتحسين التوازن التجاري”.