أميمة شمس الدين – الديار
بعد التغيير الذي حصل في سوريا قامت عدة دول أوروبية بتعليق النظر في طلبات اللجوء المقدمة من اللاجئين السوريين ومنها ألمانيا والنمسا وبلجيكا وكرواتيا والدنمارك وفنلندا وفرنسا وأيرلندا وإيطاليا ولاتفيا والنرويج وهولندا وبولندا والمملكة المتحدة وجمهورية التشيك والسويد وسويسرا وإيطاليا والنمسا وأسبانيا بإيقاف الإقامة للاجئين السوريين واعادتهم الى بلادهم، ومعلوم أن هؤلاء اللاجئين يتقاضون مساعدات من المفوضية الأوروبية بالدولار و بصرف هذه الدولارات في لبنان، مما يساهم في إنعاش الاقتصاد اللبناني واستقرار سعر صرف الدولار والسؤال هنا هل سيتأثر سعر صرف الدولار في حال عودة السوريين إلى بلادهم وتوقيف المساعدات لهم بالدولار من المفوضية، وهل هناك تخوف من تفلت سعر صرف الدولار في الفترة المقبلة أم أننا سنشهد استقراراً في سعر الصرف؟
ووفقاً للخبير في المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد الدكتور محمد فحيلي بعد ما حصل في سوريا جمدت الدول الأوروبية طلبات اللجوء و لم تتخذ أي قرار لتهجير أي من اللاجئين السوريين على أراضيها وبالنسبة للمفوضية السامية للأمم المتحدة اليوم توافرت الظروف لإعادة النظر بهوية المواطن السوري لاجئا أم نازحا أم زائرا لكن المفوضية لم تتخذ بعد أي قرار في هذا الشأن.
ويقول فحيلي في حديثه للديار من مهام المفوضية السامية أيضاً أن تهتم بعودة اللاجئين إلى بلدهم الأم وكذلك تأمين التمويل لهذه العودة، كاشفاً أن المفوضية تعتبر أن مجموعة صغيرة من اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية لا يشعرون بالأمان للعودة إلى سوريا .
في المضمون يقول فحيلي سقوط نظام الأسد لم يمر عليه وقت طويل ولم تتبلور بعد صورة الحكم الجديد لافتاً ان المفوضية تبني على شكل وطبيعة الحكم وامكانية إعطائه الأمان للسوريين في سوريا وكيفية تمويل عودتهم، مستبعداً أن تأخذ المفوضية قراراً بوقف صرف المساعدات المادية للاجئين قبل ثلاثة أشهر إلى حين أن تتبلور طبيعة النظام البديل عن نظام الأسد .
وفي موضوع سعر الصرف أكد فحيلي ان استقرار سعر صرف الدولار مستمر لأنه تم وضع ضوابط على أداء المالية العامة وعلى وضع السيولة في العملات الأجنبية في لبنان ومن الصعب جداً أن تحصل ظروف تؤدي إلى طلب استثنائي على الدولار أو تفتح مساحة إضافية للمضاربين كي يتلاعبوا بسعر الصرف الدولار، متوقعاً أن يستمر هذا الاستقرار في حال تم انتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من كانون الثاني المقبل يليه مباشرةً تشكيل حكومة وإطلاق عجلة إعادة إعمار لبنان مؤكداً أن لبنان كدولة غير قادر على تمويل إعادة الإعمار وقد يكون هناك مساهمات من مؤسسات دولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومصارف التنمية الموجودة في الخليج وآسيا أو مساهمات من دول صديقة .
ويتوقع فحيلي أن المساهمات الدولية لإعادة الإعمار ستكون مشروطة بشرطين الأول هو الالتزام بخريطة الطريق التي رسمتها مجموعة العمل المالي لإخراج لبنان عن اللائحة الرمادية، والشرط الثاني هو التوجه نحو إنتاج خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي، معتبراً أن في خلفية هذين الشرطين هناك إجراءات إصلاحية وإجراءات تصب في تصويب أداء السلطة السياسية، متوقعاً أنه إذا توافرت هذه المعطيات سيدخل الكثير من الدولارات إلى لبنان من أجل إعادة الإعمار “وكون حجم الاقتصاد نسبياً أصبح صغيراً ومصرف لبنان لديه ما يكفي من السيولة ومن الحنكة والقدرة أن يقوم بإدارة فعالة لهذا الفائض من السيولة ويمنع تشكيل صدمة للاقتصاد اللبناني خصوصاً في سوق القطع الأجنبي وسوف يحافظ على استقرار سعر الصرف.
وفي الاقتصاد يقول فحيلي اللاجئ السوري احتل وظائف كثيرة كانت صعبة على اللبناني لأن اللاجئ السوري إضافة إلى المساعدات التي يتلقاها من المفوضيه بإمكانه أن يتقاضى أتعابا منخفضة وينافس اللبناني في هذا الموضوع سيما في قطاعات الزراعة والمواد الغذائية والبناء ، مشيراً أن هذه القطاعات بحاجة الى كفاءات معينة تقنية ضرورية مستبعداً أن تكون متوافرة لدى قسم كبير من العمال اللبنانيين .
وفي حال اتخذ السوريون القرار بالعودة الطوعية إلى سوريا يتوقع فحيلي ان يتسببوا بمشكلة في بعض القطاعات الإنتاجية في لبنان لأن توافر العمالة السورية بأتعاب منخفضة ساهمت في خفض الكلفة التشغيلية لهذه المؤسسات التجارية وساهمت في صمودهها واستمرارها في الإنتاج خلاال الأزمة .
ويرى فحيلي أننا قادمون على حقبة جديدة سنشهد خلالها إعادة الإعمار في سوريا وفي لبنان وهذا يؤدي إلى طلب استثنائي على العمالة في البناء وأكثريتهم من السوريين متسائلاً إلى أين سيتجه العامل السوري للمشاركة في إعادة الإعمار إلى لبنان أم إلى سوريا ” وهنا المفوضية السامية للاجئين تؤدي دوراً فإذا استمرت في إعطاء اللاجئ السوري المساعدات فهو سيفضل البقاء في لبنان والمساهمة في إعادة الإعمار لأنه في لبنان سيكون مضمون صحياً وتربوياً ولديه مساعدات مالية شهرية وهذه الأمور غير متوافرة له في سوريا”.
وحول التقرير الأخير للبنك الدولي الذي يتوقع خلاله أن الناتج المحلي في العام ٢٠٢٤ تراجع بما يقارب ٧% بسبب كل الاضطرابات الجيوسياسية التي حصلت في لبنان والمنطقة يرى فحيلي أن هذا يدل على أنه إضافةً إلى كل الانكماشات التي أصيب بها الاقتصاد الوطني فأرقام البنك الدولي تدل إلى أن الناتج القومي تراجع بما يقارب ٤٠% منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في العام ٢٠١٩ إلى اليوم أي الاقتصاد أصبح نصف ما كان عليه في السابق وهذا يعني أن إدارته أصبحت أسهل وإعادة هيكلته أصبحت أسهل إيجاد التمويل لإنقاذه وتعافيه ونموه أصبحت اسهل أيضاً.
لكن في المقلب الآخر يقول فحيلي إحداث اضطرابات في سوق القطع أصبح أسهل لأنه لا يحتاج الى هذا الكم من الأوراق النقدية التي كان يتطلبها عندما كان الاقتصاد ٥٥ و ٦٠ مليار دولار، لافتاً أن هذا الأمر يتطلب من مصرف لبنان والسلطات صاحبة الاختصاص توخي أقصى درجات الحيطة والحذر في مراقبة وإدارة الاقتصاد في هذه المرحلة الانتقالية “فمرحلة ما قبل الاعتداءات الإسرائيلية والقرار ١٧٠١ وسقوط نظام الأسد لن تكون كما بعدها واقتصاد الدولتين بغض النظر عن مواقفنا السياسية مترابط ومتشابك جداً وهناك تأثير مباشر وغير مباشر في بعضهما بعضا فالمرحلة غير واضحة وتتسم بالضبابية وتتطلب إدارة دقيقة”.