عماد مرمل-
ما أن أعلن «اللقاء الديموقراطي» بقيادته الجنبلاطية عن تأييد انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، حتى فُتح باب الاجتهاد السياسي على مصراعيه، وتعدّدت التفسيرات لدوافع هذا الموقف وأبعاده.
بالنسبة إلى البعض، يعكس الدعم الجنبلاطي العلني لعون قراراً دولياً او ما معناه «باللبناني الدارج» كلمة سرّ خارجية وصلت إلى كليمنصو التي عمدت الى «تسييلها» في إطار تمهيد الطريق أمام قائد الجيش، بينما استنتج البعض الآخر بأنّ مجاهرة الزعامة الدرزية بخيارها الرئاسي أضرّت بـ«القائد» ولم تخدمه لأنّها استفزت جزءاً أساسياً من المكون المسيحي، بعدما أوحت بأنّ هناك من يريد أن يفرض الرئيس على إرادة المسيحيين كما شعر «التيار الوطني الحر»، الامر الذي من شأنه أن يعقّد فرص وصول عون بدل أن يعززها.
لكن القريبين من وليد وتيمور جنبلاط يقدّمون مقاربة مختلفة كلياً للموقف المعلن، استناداً إلى الاعتبارات الآتية:
ـ إنّ خيار دعم هذا المرشح او ذاك يشكّل حقاً سياسياً ودستورباً مشروعاً لكتلة «اللقاء الديموقراطي» النيابية، وهي استخدمت هذا الحق لا أكثر ولا أقل.
ـ مع اقتراب موعد انعقاد جلسة 9 كانون الثاني، أراد «اللقاء الديموقراطي» إخراج الاستحقاق المنتظر من دائرة الغموض والتردّد، وتحفيز الكتل الأخرى على حسم قرارها والبوح بالاسم الذي تفضّله، بدل أن يظلّ الهمس والغمز هما السائدان، وفق ما يؤكّد المطلعون على كواليس القرار الجنبلاطي.
ـ إنّ المسيحيين غير متفقين على مرشح واحد حتى يُقال إنّ «الحزب التقدمي الاشتراكي» لم يحترم إرادتهم، بينما عندما حصل ما يشبه إجماعاً مسيحياً على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهوربة عام 2016، راعى وليد جنبلاط هذا الامر وانسجم مع المزاج المسيحي العام تبعاً لما يلفت اليه المحيطون به.
ـ إنّ بعض القوى المسيحية التي انتقدت مبادرة «اللقاء الديموقراطي» إلى الاعلان عن دعم وصول قائد الجيش تحت شعار رفض أي وصاية درزية على مركز الرئاسة، هي نفسها تفاوض قوى إسلامية على اسم الرئيس المقبل.
بناءً على هذه الحيثيات، تشعر قيادة «الحزب التقدمي الاشتراكي»، انّ التوتر الذي تعامل به البعض مع موقفها الرئاسي ليس مبرراً، ويعكس انفعالاً سياسياً في غير محله.
وتشدّد أوساط «الاشتراكي» على انّ عون شخصية مقبولة، ويمكن لاسمه ان يكون موضع تقاطع داخلي ـ خارجي، فهو يحظى بدعم أميركي سواء من الإدارة الراحلة او تلك الوافدة، كذلك لا يشكّل استفزازاً لـ»الثنائي الشيعي» الذي صوّت إلى جانب التمديد له في قيادة الجيش.