نتائج جبل لبنان: خيبة أصحاب الرؤوس الحامية

الأخبار: منذ إعلان وقف إطلاق النار في الجنوب، بدأ الفريق المعادي للمقاومة في لبنان، بدعم من واشنطن والرياض وعواصم أخرى، استثمار نتائج الحرب داخلياً في مواجهة حزب الله وحلفائه ومن بقوا على علاقة جيدة معه.

 

وقاد حزب «القوات اللبنانية» الحملة مستفيداً من ماكينة إعلامية وُضعت في خدمته، وشاركه حشد من قوى وشخصيات كانت تعاني دائماً من «ضائقة شعبية»، حالت دون قدرتها على تحقيق نفوذ كبير على مستوى المجلس النيابي وبقية المؤسسات التنفيذية والتمثيلية في الدولة.

 

خلال الفترة الماضية، أوحى الضجيج الإعلامي لهذه الماكينة بأن هذه القوى باتت هي الأبرز في البلاد.

 

وأوحت «جماعة أميركا والسعودية» بأنه تمّ القبض على الشارع السنيّ بعيداً عن تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري، وبأن حضور القوى التي كانت تربطها علاقات مع حزب الله انتهى تماماً، وبأن «اندثار» التيار الوطني الحر و«انقراضه» مسألة وقت، ورهن الاستحقاقات الانتخابية، بعد إزاحته من مواقع السلطة عقب الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة.

 

وكان الأهم في جدول أعمال أعداء المقاومة، إبراز حالة اعتراضية وسط الجمهور الشيعي، بعدما صدّق بعض المراقبين العرب والأجانب في لبنان رواية جماعاتهم من اللبنانيين، بأن الانتخابات البلدية ستعطي إشارة انطلاق انهيار القاعدة الاجتماعية والشعبية لتيار المقاومة، وللثنائي أمل وحزب الله.

 

هذه الموجة من التعبئة الوهمية تعرّضت لنكسة كبيرة بعد ظهور نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

 

وتكفي مراجعة طبيعة التحالفات التي رافقت عملية تأليف اللوائح، والأرقام التي حصدها الفائزون والخاسرون، لإظهار أن الواقع مخالف تماماً للسردية التي عمل أعداء المقاومة وداعموهم على الترويج لها.

 

وهي حملة لن تتوقف خلال الاستحقاق الحالي على أيّ حال، وستشهد تصاعداً أكبر كلما اقتربنا من الانتخابات النيابية، خصوصاً أن القوى الخارجية بدأت عملية تمويل لنشاط سياسي وإعلامي معادٍ للمقاومة.

 

عملياً، بيّنت نتائج الانتخابات البلدية في جبل لبنان أن القاعدة الشعبية لتيار المستقبل لا تزال صاحبة نفوذ كبير بين السنّة، وأن حضور الجماعة الإسلامية التي شاركت في حرب الإسناد لغزة آخذ في التوسّع في الشارع السنيّ، وأن خصوم المقاومة بين الشيعة لا يشكّلون أي قوة ذات تأثير تستدعي التعبئة ضدهم، وأن التيار الوطني الحر صامد رغم «حرب الإلغاء» المُعلنة ضده منذ عام 2019، فيما أصيب حزب «القوات اللبنانية» بخيبة كبرى، إذ يدرك القواتيون أنهم لم يفوزوا وحدهم في بعض البلديات الكبرى، وأنهم ما كانوا ليحقّقوا ما حقّقوه لولا خضوعهم للسير في تحالفات مع قوى وشخصيات لديها مشكلة مع التيار الوطني الحر.

 

الأحد المقبل، سنكون أمام جولة ثانية، سيكون فيها الكثير من العناصر التي تخصّ حلفاء وأصدقاء حزب الله، كتيار المردة والتيار الوطني الحر، كما سيكون هناك اختبار لطبيعة التمثيل السنيّ في طرابلس وعكار، رغم تدخّلات الرياض. ولا توحي المؤشرات بأن الجولة الثانية ستحمل نتائج مخالفة لما جاءت عليه نتائج انتخابات جبل لبنان، بحيث يمكن القول إن النتيجة الواقعية ستحتّم على أصحاب الرؤوس الحامية أن يفكّروا في طريقة للنزول عن الشجرة.

You might also like