وكالات: حسان الحسن-
مع استمرار المجازر في الساحل السوري… وإثر التغيير في الموقف الأميركي… هل تتحقق الحماية الدولية للأقليات؟
يومًا بعد يوم، تتفاقم الأزمات التي تضرب سورية على مختلف الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، وعلى مدار الساعة، تزداد حدةً، بخاصةٍ على الصعيدين الأمني والاجتماعي، في وقتٍ تمعن فيه المجموعات التكفيرية الإرهابية المسلحة بارتكاب المجازر في حق كل من يخالف “منهجها” التكفيري الإلغائي، خصوصًا أبناء الأقليات الدينية، وهم من أعرق مكونات المجتمع السوري.
وتحدث هذه الفظائع المروّعة، وسط صمتٍ دوليٍ وإعلاميٍ مريبٍ، وفي وجود “سلطة أمرٍ واقعٍ ” عاجزة عن وضع حدٍ للمجازر المذكورة، هذا إن لم تكن برعاية هذه “السلطة” المربكة، غير المعترف بها من غالبية الدول الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية التي قدمّت علنًا إلى “سلطة دمشق” ورقة تتضمن شروطًا عدةً، على هذه السلطة تنفيذها، كي تبادر واشنطن إلى البدء برفع العقوبات عن سورية. وأبرز شرط من هذه الشروط الأميركية، هو “ضرورة التخلص من الإرهابيين الأجانب”، و”التعامل مع مكونات المجتمع السوري، كشعبٍ واحدٍ، لا كطوائف وملل”، و”نشر الديمقراطية”.
إذًا، العالم الغربي لم يعترف بـ “سلطة دمشق” حتى الساعة، ولم تبادر سوى ألمانيا إلى فتح سفارتها وإعادة تفعيل علاقتها الدبلوماسية مع دمشق.
واستمرار العقوبات على سورية، هو تفاقم للمعاناة الإنسانية التي يعانيها الشعب السوري. على اعتبار أن استمرار سريان العقوبات الأميركية على دمشق، يمنع تحويل الأموال إلى “سلطة الأمر الواقع” الراهنة القائمة في العاصمة السورية. ولو أرادت دولة قطر أو سواها تحويل الأموال إلى السلطة المذكورة، فليس بوسعها ذلك، لأن التحويلات المالية الكبرى من وإلى دول الخليج وسواها، تتم عبر المصارف الأميركية الكبرى، وتحت إشراف ومراقبة وزارة الخزانة في واشنطن. أي لا مناص أمام “سلطة الأمر الواقع السورية” للتخلص من العقوبات، إلا تنفيذ الشروط الأميركية العلنية المذكورة أعلاه.
والسؤال هنا، حتى لو كان لدى رئيس هذه “السلطة” أبي محمد الجولاني نية التخلص من الإرهابيين الأجانب، هل لديه القدرة على ذلك، خصوصًا أن المسلحين الأجانب يشكّلون مكونًا أساسيًا من الفصائل المسلحة التي يعتمد عليها الجولاني عينه، وبعض عناصر هذه الفصائل متورط في جرائم الإبادة المستمرة في حق الأقليات؟ لذا طالب رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سورية والمهجر الشيخ غزال غزال، بتوفير حماية دولية للمدنيين الأبرياء، وتشكيل لجنة دولية مستقلّة للتحقيق في المجازر التي تعرّض لها العلويون في الساحل السوري على أيدي فصائل تابعة أو مرتبطة بالإدارة السورية الجديدة.
وفي بيان مصوّر أصدره في الأيام الفائتة، قال: إن “ما يُرتكب من قتلٍ وخطفٍ وتمثيلٍ بالأجساد وهم أحياء لم يتوقف حتى اليوم، ما يستدعي تدخلاً دوليّاً عاجلاً لحماية المدنيين، وخصوصًا في المناطق المنكوبة”.
إذًا لا تزال المجازر مستمرة، وأمام الصمت الدولي والعربي، وعجز “سلطة الأمر الواقع في دمشق”، إن لم يكن تورطها بهذه الأعمال الإجرامية، كان لا بد من المطالبة بالحماية الدولية، لوقف الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. وهنا يؤكد مرجع سوري مخضرم “أن لا بد من ممارسة كل الضغوط الكفيلة بوقف الجرائم المتمادية، سواء أكانت من خلال المطالبة بالحماية الدولية وسواها، المهم وقف عمل آلة القتل والتهجير”.
وفي هذا الصدد، تلفت مصادر سياسية متابعة إلى أن “مطلب الحماية الدولية للمناطق الخارجة على سلطة الدولة السورية قبل سقوطها في الثامن من كانون الأول الفائت، كان متعذرًا بسبب “الفيتو” الروسي، ولكن ربما يكون قد تغيّر الوضع راهنًا، وقد تتحق الحماية الدولية، في حال نال هذا المطلب تأييدًا روسيًا- أميركيًا مشتركًا، وهذا الأمر سيتكشّف في الأيام المقبلة”.