عماد مرمل-
يحاول «حزب الله» منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار التوفيق بين براغماتية السلوك وثوابت الموقف، فيما تزدحم أجندته بتحدّيات شتى من أهمّها المبارزة الانتخابية في أيار من السنة المقبلة.
إذا كان «حزب الله» قد قرّر أن يتعاطى بواقعية مع المرحلة الحالية، وأن يترك للدولة استثمار كل الفرص السياسية الممكنة حتى تُثبِت قدرتها على تحرير الأرض وحماية السيادة، إلى حين انتهاء مرحلة «استراحة المحارب» ليُبنى حينها على الشيء مقتضاه تبعاً لنتائج الخيار الديبلوماسي، إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ الحزب سيكون خلال هذا الوقت مسترخياً، بل إنّ تحدّيات من نوع آخر تنتظره على جبهات سياسية مختلفة.
ومع أنّ الحزب يعتبر أنّه استطاع أن يصمد أمام أولى محاولات «استئصاله» سياسياً، عبر نيله مقعدَين وزاريَّين في حكومة الرئيس نواف سلام، على رغم من الموقف الاعتراضي الصريح الذي عكسته الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس عشية التشكيل الحكومي، غير أنّ ما جرى، وعلى أهمّيته السياسية، لم يكن سوى جولة واحدة ضمن جولات أخرى من المواجهة المستمرة مع الحزب في ميادين داخلية مختلفة.
وتبعاً لتقديرات الحزب، ستستمر تلك الضغوط خلال المرحلة المقبلة، مرجّحاً أنّها ستتخذ منحى تصاعدياً حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي فهو يتهيّأ لكل الاحتمالات في فترة السنة والشهرَين الفاصلة عن تاريخ الاستحقاق النيابي.
من هنا، تتمثل أولوية الحزب الاستراتيجية للمرحلة المقبلة في إبقاء كل المقاعد الشيعية داخل مجلس النواب تحت مظلة «الثنائي» وعدم السماح بخرق أي منها، وذلك للحؤول دون الإلتفاف عليه من داخل بيئته.
ويلفت قريبون من تحالف «الثنائي» إلى أنّ خصومه سيحاولون على الأقل انتزاع مقعد واحد منه، سيكون كافياً بالنسبة إليهم حتى يُشكّل «موطئ قدم» لهم في المواجهة الرامية إلى كسر حصرية القرار الشيعي ثم «اقتناص» رئاسة المجلس النيابي.
ويعتبر القريبون من الحزب أنّ الزخم الشعبي الذي رافق تشييع السيدَين الشهيدَين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين كان أولى الإشارات إلى حجم التدفّق المتوقع لأصوات «البيئة الحاضنة» في صناديق الاقتراع التي ستحلّ مكان صناديق الذخيرة على جبهة إثبات الأحجام وتثبيتها.
ولعلّ الانتخابات البلدية القريبة ستكون فرصة بالنسبة إلى الحزب والحركة لاختبار الحماسة الشعبية على الأرض، ورفع مستوى الجهوزية اللوجستية استعداداً للمعركة الفاصلة على التمثيل النيابي.