رندا شمعون –
منذ الانهيار المالي، سؤال واحد يلاحق اللبنانيين بلا جواب:
أين ذهبت أموال المودعين؟
بدل الإجابة، تُطرَح القوانين.
وبدل كشف الحقيقة، تُدار الخسارة.
وما يُسمّى اليوم «قانون الانتظام المالي» يُراد له أن يكون تسوية تشريعية تُقفل الملف قبل فتحه.
والفجوة المالية هي الاسم المهذّب للنهب، الفجوة المالية هي الفرق بين ودائع الناس وما تبقّى منها فعليًا.
أموال صُرفت عبر هندسات مالية، واستدانة بلا سقوف، وإنفاق بلا رقابة، تحت غطاء سياسي كامل.
هذه الفجوة ليست خللًا تقنيًا، بل دليل إدانة لنظام مالي–سياسي عاش على حساب الناس.
قانون الانتظام المالي: حلّ أم تسوية؟
يُسَوَّق القانون كمدخل للإنقاذ، فيما جوهره تنظيم للخسائر لا الكشف عنها.
إقراره بلا شروط يعني:
تثبيت الخسائر
تحميل المودعين الثمن
إقفال الملف بلا محاسبة
أي تشريع الانهيار… لا معالجته.
*التدقيق الجنائي: خطّ المواجهة
في عهد الرئيس العماد ميشال عون، فُرض التدقيق الجنائي لأنه المدخل الوحيد لأي حلّ حقيقي.
فَمِن دون معرفة من سرق ومن غطّى ومن استفاد، ليس إصلاحًا بل شراكة في الجريمة.
لكن المنظومة قاومت التدقيق: تعطيل، مماطلة، وغطاء سياسي.
فكَبُرت الفجوة، وضاعت الحقيقة، وبقي المودعون وحدهم في الواجهة.
التيار الوطني الحر ، بموقف ثابت بلا مساومة
وسط الصمت والتواطؤ، موقفاً واضحًا:
لا قانون فجوة مالية قبل التدقيق
لا تحميل المودعين الخسائر
لا طيّ للملف قبل كشفه
اختار التيار المواجهة، ودفع ثمنها سياسيًا، لأنه رفض أن يكون شاهد زور.
*جبران باسيل: تسمية الأشياء بأسمائها
داخل مجلس النواب، واجه النائب جبران باسيل محاولات تمرير القانون بلا حقيقة.
أكّد أن لا إنقاذ بلا معرفة أين ذهبت أموال المودعين، وأن أي قانون بلا تدقيق هو غطاء سياسي للمنظومة.
وفي موقف حاسم، قال بوضوح:
«التشريع بلا تدقيق هو تشريع للسرقة، ومن يهرب من كشف الحساب شريك في الجريمة مهما ادّعى الإصلاح».
بهذا، رفع المواجهة من تقنية إلى سياسية وأخلاقية.
*النائب الدكتور فريد البستاني: ثبات في الدفاع عن حقوق الناس.
فقد شكّل النائب فريد البستاني رأس حربة في مواجهة تشريع الخسارة.
رفض أي قانون لا يحدّد المسؤوليات، وأكّد أن أموال المودعين نُهبت ولم تتبخّر، وأن لا ثقة ولا نهوض بلا تدقيق شامل في المصارف ومصرف لبنان.
*الحكومة وباقي المجلس: إدارة الانهيار.
في المقابل، مضت الحكومة بالقانون تحت ضغط الخارج، معتبرة السرعة أهم من العدالة.
كما استُخدم الضغط الدولي لتسريع إقرار القانون، حيث رضخت بعض الأطراف للضغط الخارجي، معتبرة أن السرعة أهم من الحقيقة والعدالة، في خطوة تؤكد أن التسويات السياسية ما زالت تحكم المشهد بدل الإصلاح الجدي.
أما أكثرية المجلس، فاختارت تسويات رمادية هدفها إقفال الملف لا فتحه.
لكن الحقيقة بسيطة:
لا عدالة في ملف لم يُفتح، ولا إنقاذ في نظام لم يُحاسَب.
قانون الانتظام المالي ليس حلًا إذا لم يُبنَ على:
تدقيق جنائي كامل
محاسبة فعلية
حماية المودعين لا التضحية بهم
ما يطالب به التيار الوطني الحر هو جوهر الدولة:
الحقيقة أولًا… ثم القوانين.
وكل ما عدا ذلك، ليس إصلاحًا، بل محاولة جديدة لدفن الجريمة تحت نصوص تشريعية.


