ماذا كشف قيادي فلسطيني عن مصير سلاح المخيمات؟ (عماد مرمل – الجمهورية)

ليس معروفاً ما إذا كان مسار الأحداث في لبنان والمنطقة سيُعجِّل في سحب سلاح المخيمات الفلسطينية أم سيعطّله حتى إشعار آخر، وإن تكن مجريات الأمور حتى الآن توحي بأنّ كفّة الاحتمال الثاني هي الراجحة.

بالنسبة إلى البعض، انتفت وظيفة السلاح الفلسطيني في المخيمات عقب الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، بعدما ثبت أن ليس له أي دور مؤثر في صدّ العدوان والدفاع عن الفلسطينيين، بل أصبح عبئاً ثقيلاً ليس إلّا، بينما يرفض البعض الآخر الخوض في أي بحث حول مصير السلاح، ما دام أنّ العدو ازداد همجية وخطورة منذ 7 اكتوبر الشهير، وسط غياب الثقة في قدرة الدولة على إيجاد مظلة أمان ميداني واجتماعي للاجئين.

وليس أدلّ إلى حساسية ملف سحب السلاح الفلسطيني من التداعيات التي تركها على حركة «فتح» التي يرأسها محمود عباس، المتحمس لتسليم هذا السلاح إلى الدولة اللبنانية، إذ انّ هناك اتجاهاً داخل الحركة عارض قرار عباس، ما دفع الأخير إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية شملت مناقلات وتغييرات في عدد من المراكز الفتحاوية.

ويؤكّد قيادي فلسطيني في فصيل أساسي داخل المخيمات لـ«الجمهورية»، انّ تسليم السلاح لم يعد وارداً في الوقت الحاضر، منبّهاً إلى انّ أي إصرار على نزعه بالقوة سيؤدي إلى تفجير الوضع في المخيمات.

ويشدّد القيادي على أنّ قرار تسليم السلاح لن يمرّ من دون حوار فلسطيني ـ فلسطيني أولاً، ثم حوار لبناني – فلسطيني ثانياً، معتبراً انّ عباس أحرج رئيس الجمهورية جوزاف عون من خلال التسرّع في تحديد موعد لبدء معالجة قضية السلاح، قبل أن تكون الأرضية قد أصبحت جاهزة لذلك، «الأمر الذي أدّى إلى سقوط مهلة 16 حزيران الماضي التي كانت قد حُدّدت لسحب السلاح من مخيمات بيروت، بعدما تبين انّ عباس ليس قادراً على إلزام كل قيادات حركة «فتح» في لبنان بالتجاوب معه، فكيف الفصائل الاخرى».

ويلفت القيادي الفلسطيني إلى انّ موقف عباس تسبّب في هزة داخل «فتح»، انعكست تغييرات مفاجئة في عدد من المواقع، ومن ضمنها موقع السفير أشرف دبور الذي تقرّر نقله من بيروت إلى سلطنة عمان مبدئياً وأُعفي من مهمّته كنائب للمشرف العام على الساحة اللبنانية في «فتح»، علماً انّ دبور كان السكرتير الخاص للزعيم ياسر عرفات في تونس وغزة ورام الله، ما منحه رمزية سياسية داخل التركيبة الفلسطينية.

ويلفت القيادي إلى انّ هناك تياراً داخل «فتح» يعتبر انّ من غير الجائز أن تتخلّى الحركة لوحدها عن السلاح، لأنّ من شأن ذلك أن يؤدي إلى تقوية الفصائل الأخرى والمجموعات الإسلامية المتشدّدة في المخيمات على حساب دور «فتح» ونفوذها.

ويشير القيادي إلى انّ البيئة الإقليمية المحيطة متفجّرة وسط العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ولبنان، وسعي بنيامين نتنياهو إلى تغيير الشرق الأوسط على حساب القضية الفلسطينية، «إضافة إلى انّ الجميع في لبنان مسلحون ولو بنسب مختلفة، وبينهم من هم معروفون بأنّهم غير أصدقاء لنا، وبالتالي ليس واقعياً في ظلّ هذا الوضع الإقليمي واللبناني المعقّد أن يُطلب من الفلسطينيين تسليم سلاحهم اعتباطياً، من دون منحهم اي ضمانات تتصل بأمنهم وحقوقهم».

ويستعيد القيادي واقعة مجزرة صبرا وشاتيلا والظروف التي أحاطت بها، لافتاً الى انّها وقعت بعد خروج قوات منظمة التحرير من بيروت وتسليم سلاحها عام 1982، «الأمر الذي ولّد ما يشبه العقدة لدى الفلسطينيين في لبنان، والذين لن يسمحوا بأن يعيد التاريخ نفسه وبأن يكونوا عرضةً لأي مجزرة مماثلة مجدداً».

ويؤكّد القيادي انّ السلاح الموجود في المخيمات هو للدفاع عن النفس، مشيراً إلى انّ البحث في مصيره ينبغي أن يأتي ضمن سياق عريض وواسع، يشمل ضمان الحقوق المدنية للاجئين والحماية الضرورية لهم من خلال الحوار مع السلطة اللبنانية، «أما اختصار المسألة بالسلاح فقط فهو اختزال ليس في محله».

ويرجح القيادي الفلسطيني أن يكون استعجال عباس طرح مسألة سحب سلاح المخيمات عائداً إلى حماسة إحدى الجهات الإقليمية للدفع في هذا الاتجاه، «ربطاً بظنها أنّ إنجاز هذا الأمر سيعطي زخماً قوياً لمطلب تسليم سلاح «حزب الله» الذي لا يمكن نزعه، في رأيها، قبل التخلص من السلاح الفلسطيني».

You might also like