صلاح سلام –
من البديهي أن تكون الأحداث الدموية المؤسفة في السويداء موضع إدانة وإستنكار على مختلف المستويات اللبنانية والعربية والإسلامية، وحتى الإنسانية، لأن الممارسات الشاذة، والتعرض لرجال الدين تجاوزت كل الخطوط الحمر، ولا يجوز أن تمر دون عقاب، لكل من أساء لأسس المواطنة والأخوة بين أبناء البلد الواحد، والوطن الواحد.
يبدو أن العدو الإسرائيلي نجح إلى حد كبير في إستدراج الأطراف السورية المتواجهة إلى آتون الفتنة المذهبية، وسارع نتنياهو إلى تأجيج نيران الصراع والقتال، بحجة «حماية الدروز» في سوريا، بهدف إشعال جبهة جديدة، تكون بمثابة مبرر آخر لهروبه من المحاكمة، وعدم الوقوف أمام القضاء لمحاسبته في عمليات فساد وسوء إستغلال السلطة، والفشل في حماية مستوطنات غلاف غزة من «طوفان الأقصى».
وليست مجرد صدفة أن تندلع المواجهات العنيفة في السويداء، ويمارس نتنياهو أقصى درجات التصعيد، ويشن الغارات على قلب دمشق، مستهدفاً محيط القصر الرئاسي ومبنى وزارة الدفاع، في نفس اليوم المحدد لمثوله أمام المحكمة، حيث إتخذ من أحداث سوريا مبرراً لعدم الذهاب إلى القضاء.
الواقع أن أحداث السويداء وضعت نظام الشرع أمام إختبار جديد، بمواجهة مشاريع الفتن الإسرائيلية المتنقلة في الجغرافيا السورية. فبعد نجاح السلطة السورية في إخماد نيران المعارك المفتعلة في مناطق اللاذقية وجبل العلويين، ورغم تطويق تداعيات التفجير الإجرامي في إحدى كنائس دمشق، حرّكت الأصابع الصهيونية الحساسيات المذهبية في الجنوب السوري، في مخطط خبيث لتفكيك عُرى الوحدة الوطنية السورية، وإستغلال الهواجس الدفينة، لفصل البيئة الدرزية عن الوطن الأم، ووضعها تحت الهيمنة الإسرائيلية، بحجة «حماية الدروز من الميليشيات المتطرفة» .. إلى آخر المعزوفة المعروفة.
ما جرى في السويداء ليس معارك بين الدروز والسنّة. ولا يجوز وضع الأحداث وما تخاللها من ممارسات مقيتة ومدانة بحق بعض مشايخ بني معروف، في إطار صراع بين الدروز والسنّة. ولا بد من التسلح بالوعي والتبصر والحكمة، من قبل كل الأطراف، وخاصة القيادة الرسمية في دمشق، والمرجعيات الروحية والسياسية للموحدين الدروز في سوريا ولبنان، والعمل معاً، قيادات وفعاليات من الجانبين، لإحباط المخطط الإسرائيلي الفتنوي، قبل أن تلتهم نيرانه ما تبقى من أمن وإستقرار للشعبين السوري واللبناني.
خلفاء سلطان باشا الأطرش في سوريا، والأمناء على تراث كمال جنبلاط في لبنان، قادرون مع إخوانهم من أهل السنّة والجماعة على لملمة الجراح، وتعزيز المناعة الوطنية ضد التدخلات الإسرائيلية الإجرامية التي تستهدف الدروز والسنّة معاً.