لهذه الأسباب لم تستقبل دمشق الوفد اللبناني… و”نبوءة حاصباني نحو التحقق”

وكالات: حسان الحسن-

فجأةً، أعُلن تأجيل الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها الوفد الأمني اللبناني إلى دمشق، الأربعاء الفائت، برئاسة وزير الدفاع ميشال منسى على رأس وفدٍ أمنيٍ، على أن يلتقي بنظيره السوري مرهف أبو قصرة، في زيارةٍ هي الأولى من نوعها لمسؤولٍ لبنانيٍ للعاصمة السورية، منذ تشكيل الحكومة الجديدة، في شباط الفائت، حيث كانت تهدف الزيارة إلى بحث مسألة ضبط الوضع الأمني عند الحدود، وتعزيز التنسيق بين البلدين ومنع الاعتداءات.

 

وبعد مضيّ ساعاتٍ قليلةٍ على إعلان تأجيل الزيارة المذكورة، أعلن تبديل مكان انعقاد الاجتماع الأمني اللبناني – السوري، من دمشق إلى مدينة جدة السعودية، وتأجيلها نحو ثمانٍ وأربعين ساعة. وبعد مباحثات انطلقت مساء الخميس الفائت، في جدة، وقع منسّى وأبو قصرة اتفاقًا، أكدا فيه على الأهمية الإستراتيجية لترسيم الحدود بين البلدين، وتشكيل لجان قانونية متخصصة بينهما في عدد من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق بين الجانبين للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية لا سيما الحدودية، كما تم الاتفاق على عقد اجتماع متابعةٍ، في السعودية، في الفترة المقبلة.

 

فما الذي تبدّل، حتّى يتبدّل زمان الاجتماع ويتحول مكانه إلى جدة؟
“ما دام تأجيل الزيارة وتبديل مكانها، تم بطلبٍ سوريٍ، فهذا يعني أن سلطة الأمر الواقع في دمشق، غير مستعدةٍ لإبرام معاهدةٍ أو عقد أي اتفاق مع الحكومة اللبنانية، من دون وجود طرفٍ ثالثٍ ضامنٍ لأي اتفاق مرتقبٍ مع لبنان”. “أما اختيار جدة السعودية كمكانٍ لانعقاد اللقاء الأمني اللبناني – السوري، فقد وافقت عليه “السلطات السورية”، لأنها تدرك تمامًا مدى تأثير السعودية في قرارات بعض مكونات الحكومة اللبنانية، ما يؤكد أن النظام السوري الجديد، لا يثق بالحكومة اللبنانية، ويراها من منظاره أنها ضعيفة، لا سلطة جدّية لها على الأرض”، بحسب رأي مرجع وخبير في العلاقات اللبنانية – السورية.

 

وفي السياق عينه، يستبعد مرجع في العلاقات الدولية “توصل الجانبين اللبناني والسوري إلى تفاهمٍ أمنيٍ جديٍ لضبط الحدود المشتركة بين البلدين أو سوى ذلك، لأن لدى جبهة النصرة الحاكمة في دمشق، “مشروعًا” تسعى إلى تسويقه لدى المحور الغربي – الخليجي، وهو “الاستعداد لقتال حزب الله والالتفاف عليه من جهة الحدود الشرقية”، على أن يتولى الكيان الصهيوني شن عدوانٍ على لبنان ومقاومته، من جهة الحدود الجنوبية”. ويعتبر المرجع أن “ليس أمام “النصرة” وزعيمها أبي محمد الجولاني إلا طرح هذا المشروع، لتصدير أزماته الداخلية الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية التي تعصف بسورية، أضف إلى ذلك، أن لدى الجولاني مشكلة حقيقة مع المجتمع الدولي الذي يطالب الأول بضرورة التخلص من المسلحين التكفيريين الأجانب المنضوين تحت لواء “النصرة”، بالتالي طردهم من سورية، كذلك في الوقت عينه، يحاول الجولاني التعمية على عمليات القتل الجماعي التي اقترفها مسلحوه في الساحل السوري وسواه، في أوائل آذار الجاري، من خلال طرحه “مشروع قتال المقاومة في لبنان” لدى الغرب والعرب”.

 

لا ريب أن “النظام الجديد” في سورية، يمارس سلوكًا عدوانيًا تجاه لبنان، ولديه مشروع عدواني أيضًا، بدا هذا السلوك جليًا، من خلال الهجوم الذي نفذه إرهابيو هذا النظام على القرى اللبنانية الواقعة على الحدود الشمالية – الشرقية في الآونة الأخيرة. علاوة على ذلك، فقد عبّر تكفيريو هذا النظام عن نياتهم العدوانية، بعد تهديدهم “باحتلال ضاحية بيروت الجنوبية”.

ولا ريب أيضًا، أن “نظام الجولاني” يرى في لبنان “ساحةً رخوةً” لتشتيت الانتباه أو حرف الأنظار، عما يجري من أزماتٍ داخليةٍ يعانيها الشعب السوري، في ضوء وجود “حكم النصرة” في دمشق. وكلما وقع الجولاني في مشكلةٍ في “الجارة الأقرب”، يذهب إلى افتعال مشكلةٍ مع لبنان، كي يُشغل الرأي العام عن أزماته.

 

أضف إلى ذلك، لا يمكن إغفال أدوار الدول الأساسية المؤثرة راهنًا في سورية، بعد سقوط الدولة فيها، وهي: الولايات المتحدة، تركيا، والكيان الصهيوني، وما إذا كانت واشنطن و”تل أبيب” ومحورهما سيمارسون الضغوط من البوابة السورية، على لبنان ومقاومته، لدفعهما إلى تقديم التنازلات أمام العدو، وذلك ضمن الصفقات والمعاهدات التي يعقدها أو يبرمها نظام “الجولاني”. وفي هذا الإطار، جاء واضحًا موقف النائب عن القوات اللبنانية غسان حاصباني، في الأيام الفائتة، والذي دعا إلى “وجوب تسليم سلاح حزب الله إلى الجيش، وإلا فسيتم تلزيم هذه العملية “للإسرائيلي” جنوبًا وللسوري شرقًا.

You might also like