الثبات: حسان الحسن-
إثر الاعتداءات الأميركية – “الإسرائيلية” المستمرة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حاول بعض أصحاب “عمائم الفتن” تسويق العداء لإيران، بأدعيةٍ يراد منها تضليل الرأي العام، ومحاولة حرف أنظاره عن جرائم العدو، والتعمية عليها، من خلال إطلاق بعض الأدعية، كالآتي: “اللهم اضرب الظالمين بالظالمين…”، هذا على سبيل المثال، لا الحصر.
والسؤال هنا: هل الذي ساند المستضعفين في الأرض، وفي مقدمة هؤلاء الشعب الفلسطيني الصابر والمحتسب، والمتروك لقدره، ولا بد هنا، من التذكير بما قاله القيادي في حركة المقاومة الإسلامية – حماس، محمود الزهار، في حديثٍ له، في العام 2012، ان “إيران تدعم “الحركة” بالمال والسلاح، بدون أي شرط”، فهل يكون الجانب الإيراني ظالمًا، كونه يدعم صمود الفلسطينيين وسواهم؟!
وسط هذه الأجواء التضليلية، لا بد أيضًا من الإضاءة على الدور الإيراني في لبنان، في حماية الشعب اللبناني بمختلف مكوناته؛ السياسية والمذهبية، والوقوف إلى جانبه، من دونٍ تمييزٍ على الإطلاق.
وبالعودة إلى حقبة الحرب الأهلية، ليس من باب نكء الجروح، بل بغاية الشهادة للحق فقط، بالتالي الإضاءة قليلًا على دور الأيادي البيض الإيرانية، خلال “حقبة الحرب”، خصوصاً في المناطق اللبنانية البعيدة من “النفوذ الشيعي” وقتذاك.
وفي إحدى “حلقات مسلسل الحرب الأهلية”، في منتصف أيلول 1985، اندلعت في مدينة طرابلس، في لبنان الشمالي، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري والأحزاب الوطنية اللبنانية المؤيدة له من جهة، والتيار الإسلامي المؤلف من: “حركة التوحيد”، و”الجماعة الإسلامية”، و”نواة الجيش الإسلامي”، وهو تنظيم وهابي، من جهةٍ أخرى.
من دون الدخول في تفاصيل أسباب هذه الحرب، ولكن كان الهدف الحقيقي الذي أرادت دمشق تحقيقه وقتذاك، منع قيام “إمارة إسلامية في طرابلس”، على اعتبار أنها على مقربةٍ من الحدود اللبنانية – السورية، من جهة محافظتي طرطوس وحمص، بالتالي فإن وجود هذه “الإمارة” سيعرّض الأمن القومي السوري للخطر، خصوصًا أن بدء تشكيل هذه “الإمارة”، جاء عقب ما يعرف بـ”حوادث الإخوان المسلمين” في سورية، بفترةٍ وجيزةٍ (في ثمانينيات القرن الفائت)، الأمر الذي زاد من تصميم القيادة السورية على ضرورة إسقاط هذه “الإمارة”، وفعلًا هذا ما آلت إليه الأوضاع وقتذاك.
يذكر أن طرابلس كانت عبر التاريخ، تؤثر في الأمن الوطني السوري، نظرًا إلى قربها الجغرافي من الحدود اللبنانية – السورية، إضافة إلى التداخل الاجتماعي بين عددٍ كبيرٍ من العائلات الطرابلسية والسورية، خصوصاً في مدن: حمص ودمشق، والساحل السوري.
وبالعودة إلى تفاصيل الأحداث في حينه؛ حين قررت القوات السورية وحلفاؤها الدخول إلى عاصمة لبنان الشمالي، تلقوا مقاومةً شرسةً من التيار الإسلامي في هذه المدينة، ما زاد غضب الجيش السوري، فصب حمم مدافعه وراجمات صواريخه على طرابلس، من كل المناطق المحيطة بها، ترافق ذلك مع محاولاتٍ عدةٍ لاقتحام هذه المدينة، غير أن القوى الإسلامية تصدت لكل هذه المحاولات، ونجحت في صد الهجمات، ما زاد من غضب القيادة السورية أكثر فأكثر، وبذلك زادت حدة القصف على المدينة المذكورة، التي تُركت وأهلها لقدرهم”.
إثر ذلك، وبعد مرور نحو عشرين يومًا على اندلاع هذه الحرب، زار طرابلس وفد إيراني رفيع، برئاسة المدير لوزارة الخارجية الإيرانية محمد علي لواساني، الذي اصطحب بدوره أمير “حركة التوحيد الإسلامي” الشيخ سعيد شعبان (رحمه الله)، والقيادي في الجماعة الإسلامية المهندس عبد الله بابتي، إلى دمشق، وتم التوصل إلى ما يعرف بـ “اتفاق دمشق”، في السادس من تشرين الأول 1985، لوقف الحرب المذكورة، وسط غياب لأي دورٍ أو صوتٍ إقليمي وعربيٍ آخر. وتجدر الإشارة أن هذا الاتفاق لم يكن مثاليًا على الإطلاق، ولكنه أنهى الأعمال القتالية، بعد دخول الجيش السوري إلى عاصمة الشمال، التي شهدت استقراراً أمنيًا استمر حتى انسحاب القوات السورية من لبنان، في 26 نيسان 2005. هذا جانب من النهج الإيراني في لبنان.