لبنان بين أنياب الفساد.. متى تبدأ المحاسبة الحقيقية؟ – جورج منصور

الفساد بلبنان مش بس أزمة، صار نظام بحد ذاتو، متغلغل بكل زاوية من مؤسسات الدولة، من أصغر معاملة بالبلدية لحد أكبر صفقات الوزارات. المشكلة إنو المحاسبة غايبة، مش لأنو ما في فساد معروف، بل لأنو الفاسدين محميين بمنظومة معقدة بتخلّي محاسبتن شبه مستحيلة. الطائفية والمحسوبيات بتخلق دروع حماية لكل زعيم وجماعتو، والقضاء مش قادر ياخد قرارات حاسمة لأنو تحت تأثير السياسيين، والقوانين يا إما ضعيفة، يا إما مطبّقة انتقائيًا حسب مصلحة النافذين.

المواطن اللبناني بيعرف الفساد وعايشو يوميًّا، بس يا بيكون مضطر يتعايش معو، يا بيتجاهلو لأنو فقد الأمل بالتغيير. الإعلام بيفضح، بس كتير مرات بتمّ إخراس الأصوات الحرة، أو بيتم استغلال الإعلام لتصفية حسابات بين الفاسدين نفسن بدل ما يكون في محاسبة حقيقية. أما القضاء، فملفات الفساد بتنام بالجرور، وإذا قرّر قاضٍ شريف يواجه، بيتعرض لضغوطات أو تهديدات، أو حتى بيتم نقله أو إبعاده.

المحاسبة الحقيقية ما بتصير إلا إذا صار في تغيير جذري. أول شي، القضاء لازم يكون مستقل فعليًا وما يخضع لضغوط سياسية، لأنو ما في محاسبة بلا عدالة. ثانيًا، لازم تتغير القوانين لتصير صارمة بحق الفاسدين، مش قوانين بتسمحلن يتهربوا من العقاب أو يعقدوا تسويات عحساب المال العام. ثالثًا، الإعلام والمجتمع المدني لازم يضلوا يحكوا وما يسكتوا، لأنو الضغط الشعبي بيخلق تغيير ولو كان بطيء. وأهم شي، الانتخابات لازم تصير فرصة حقيقية للتغيير، مش مجرد إعادة إنتاج لنفس الطبقة الفاسدة.

المحاسبة مش مستحيلة، بس بدها إرادة شعبية حقيقية، وبدها ناس ما تستسلم. إذا ضلينا نقول “ما في شي بيتغير”، رح يبقى الفاسد مرتاح وما حدا يحاسبو. السؤال الحقيقي: نحنا مستعدين نكسر هالدوامة، أو رح نكفّي متفرجين؟

جورج منصور

You might also like