قبل تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة بعبدا..

قبل تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة بعبدا، كلُّ الكلام حول ملف الترسيم عموماً، والمقترح الخطي الذي سلَّمته السفيرة الأميركية إلى رئيس الجمهورية أمس، مجرد انطباعات وتمنيات، ولو أن الأجواء الإيجابية محلياً هي الغالبة.

لكن، في انتظار البتِّ في الموضوع في بعبدا، من الناحية التقنية أولاً، ثم السياسية، من الواضح أن إنجاز الاتفاق بصيغته النهائية إذا تم، سيجل انتصاراً في ثلاث خانات:

الخانة الاولى، رئاسية، حيث سيكتب التاريخ بلا أدنى شك، أن دخول لبنان نادي البلدان النفطية، تم على عهد الرئيس العماد ميشال عون، بعد عقود طويلة من الأخبار المتداولة حول امتلاك لبنان ثروة نفطية، لم يجرؤ أحد على خوض غمار اكتشافها، واثر سنوات طويلة من التحضيرات القانونية والتقنية والتنفيذية، التي أطلقها وزير الطاقة والخارجية السابق جبران باسيل، والتي عُطِّلت على مدى سنوات لأسباب سياسية معروفة. وإنجاز الترسيم إذ تم، سيضاف بلا أدنى شك إلى لائحة طويلة من الإنجازات بعيدة المدى التي حققها عهد الرئيس عون، بدءاً بتحرير الجرود من الإرهاب، ومروراً بتصحيح التمثيل النيابي الميثاقي، مع تطبيق وإقرار حق المغتربين بالاقتراع، ووصولاً إلى كشف المنظومة المالية الفاسدة، التي انهارت وانتهت، ولا يبقى بالنسبة إليه إلا تعيين موعد الدفن.

الخانة الثانية، مقاومة اللبنانيين، شعباً وجيشاً ومقاومة، للاحتلال الإسرائيلي، وفق معادلة القوة التي يثبت يوماً بعد يوم، أنها الوحيدة قادرة على تأمين مصلحة لبنان، كما فعلت من خلال التحرير، ثم عبر مواجهة التكفير، كذلك من خلال دورها الحاسم في فرض شروط لبنان على العدو، وفق اعتراف مسؤوليه قبل سواهم، ومنهم اليوم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، الذي هاجم رئيس الوزراء الحالي بقساوة، على خلفية ما اعتبره “تنازلات سيادية” قدمها الاخير للبنان.

أما الخانة الثالثة، فوطنية لبنانية، عبَّر عنها المشهد الوحدوي في التفاوض مع الجانب الأميركي، الذي كان يسمع موقفاً لبنانياً واحداً على طول الطريق، أقلَّه في الأشهر الأخيرة، وهو ما كان له الأثر الأكبر في الوصول بالملف إلى النقطة التي بلغها، في انتظار القرار النهائي.

لكن، وفي وقت يترقب الجميع ما ستؤول إليه الأمور على خط الترسيم، دخان أبيض من نوع آخر، لا يستبعد تصاعدُه في وقت قريب، ومن بعبدا ايضاً، انطلاقاً من معطيات حصلت عليها الأوتيفي تؤكد أن تشكيل الحكومة الجديدة موضوع على نار حامية جداً، وأن اللقاء الثلاثي الذي سيشهده قصر بعبدا غداً بين الرئيس عون ورئيسي المجلس النيابي وحكومة تصريف الأعمال، لن يكون بعيداً عن هذا الموضوع.

You might also like