حبيب البستاني-
تتسارع الأحداث مع عشية الوصول إلى التاسع من يناير تاريخ انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، الجميع هنا وبالأخص جمهور الموفدين وكل فريق جاهز للتدخل لإنجاح أو لإفشال هذا الاستحقاق المفصلي في تاريخ الجمهورية اللبنانية. ويتخذ انتخاب الرئيس هذا العام أهمية قصوى فيما يقبع على الحدود الجنوبية إله الحرب ويتهيأ معه هيرودس الجديد للقضاء على المولود الموعود الذي من المؤمل أن يقوم بخلاص لبنان، فأطماع الدولة العبرية لا تتوقف ولا يحدها شيء لا في المكان ولا في الزمان، وهي لا ترتدع ولا تمتثل حتى للقرار 1701 وإضافاته، الذي وافقت عليه كل الأطراف المعنية والذي قضى بانسحاب جيش العدو خلال مهلة ستين يوماً من بدء سريان وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024. فإسرائيل وعلى ما يبدو لا تقيم وزناً لالتزاماتها وتعهداتها، وبالرغم من مرور أكثر من ثلثي المهلة فإن جيش الاحتلال يستمر في اعتداءاته من تهديم وتجريف منازل وقرى بأكملها، إلى الدخول إلى مناطق عديدة لم يستطع من دخولها إبان الحرب، إلى استمرار فرض الحظر على عودة السكان المدنيين إلى عدد كبير من قرى وبلدات الشريط الحدودي، وصولاً إلىى بلدة الناقورة حيث المقر الرئيسي لقوات حفظ السلام ال UNIFIL.
كما في الجنوب كذلك في الشرق
وكما حال الجنوب المتوتر، كذلك تشهد المناطق الحدودية المتاخمة لسوريا حالة عدم استقرار، ولقد شهدت بلدة معربون الحدودية الواقعة في قضاء بعلبك اشتباكات بين الجيش اللبناني الذي تعرضت عناصره لاعتداءات من مسلحين حاولوا إعادة فتح معابر غير شرعية كان أغلقها الجيش، هذه الاشتباكات التي استدعت اتصالات بين رئاسة الحكومة وأركان الحكم السوري الجديد، كذلك شهدت منطقة المصنع تباينات بالنسبة لمعاملات السفر بين لبنان وسوريا. هذه الأفعال وغيرها فهي إن دلت على شيء فهي تدل على حالة اللاإستقرار التي يعاني منها الحكم الجديد، الذي لم تزل أمامه رحلة طويلة لتثبيت أقدامه والوصول إلى نظام ديمقراطي ومؤسسات ديمقراطية.
رئيس للجمهورية أكثر من ضرورة
هكذا بات انتخاب الرئيس أكثر إلحاحاً لمواجهة المشاكل العالقة في الإقليم وغيرها من معضلات الداخل، التي تبدأ بإعادة الإعمار وإعادة الأموال المنهوبة للمودعين ولا تنتهي بتشكيل حكومة جديدة والبدء بالإصلاحات البنيوية الضرورية لتحديث الدولة ومؤسساتها، وصولاً إلى لم شمل اللبنانيين وإعادة اللحمة في ما بينهم وتوحيدهم حول أسس جديدة ليس اقلها ضرورة تطبيق اتفاق الطائف بكامل بنوده، مع إدخال التعديلات الضرورية لحسن تطبيقه، وذلك وصولاً إلى إرساء الدولة المدنية بكامل مندرجاتها والتي من دونها لا قيامة للبنان الوطن ولبنان دولة المواطنة التي يعيش في ظل سلطتها كل المواطنين بدون استثناء، وذلك بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والحزبية والعقائدية. ناهيك عن دور الرئيس العتيد في قيادة حوار وطني يبحث في كل الأمور بدون استثناء، لا سيما في الاستراتيجية الدفاعية للدولة، التي ينبغي أن تكون وحدها صاحبة القرار السياسي والعسكري بحيث تختفي كل المظاهر التي تنتقص من هيبتها وتحد من سلطتها وتشوه سمعتها.
بورصة المرشحين
في هذا الإطار تبدو بورصة المرشحين إلى الرئاسة في توسع، وإذا كان صحيحاً ان كل ماروني له الحق بالترشح والطمع بالرئاسة، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة دخوله إلى النادي الرسمي للمرشحين الذي لم يزل على حاله حتى كتابة هذه السطور. فالأمنيين الثلاثة ما زالوا يتقدمون على سواهم مع بقاء الصعوبة في التعديل الدستوري، وكذلك ما زال إسم الوزير السابق زياد بارود والمصرفي سمير عساف المدعوم فرنسياً من ضمن السياق. وهكذا فإن المواصفات المطلوبة تنطبق على أكثر من إسم يشكل نقطة تلاق ولا يشكل أي استفزاز أو تحدِ لأي كان، فالمطلوب في هذه المرحلة رئيس جامع أكثر من اي شيء آخر يتمتع بتاييد أكثر من كتلة نيابية، وذلك لكي يتمكن من الوصول وإعادة اللحمة إلى كل مكونات الوطن. من هنا فعلى السادة نواب الأمة وعي دورهم في هذه المرحلة المصيرية من تاريخنا وأن يقوموا بانتخاب رئيس في التاسع من يناير، وعلى الجميع أن يتوقف عن المناورات التي لا طائل منها، وكما يقال في الدارج “فقشت مية الرأس” والمطلوب التعجيل بعملية الولادة.
كاتب سياسي*