فريق أميركا في لبنان يكرر تجربة عام 2006

الأخبار: ليسَ هناك مؤشر على أن العدوّ الإسرائيلي يُريد الذهاب إلى وقف إطلاق النار. ولو على سبيل القول بتطبيق القرار 1701. وفيما يستمر العدوان العسكري أخذت الدول الخارجية على عاتقها المهمة السياسية بالضغط على لبنان من أجل انتزاع تنازلات كبيرة يُمكن أن تدفع بالإسرائيلي لاحقاً للقبول بوقف الحرب. وأهم ما استنتجته القوى الداخلية من الحركة الديبلوماسية ومداولاتها، أن جوهر ما يطرحه الغربيون يعيد النقاش الى تطبيق القرار 1559 وليس تطبيق القرار 1701، فضلاً عن رغبة العدوّ الكبيرة بإقامة منطقة عازلة جنوبيّ نهر الليطاني يستقر فيها جيش العدوّ الإسرائيلي.ويتبيّن من المحادثات الجارية أن مسارات الضغط الغربي على لبنان تتخذ عدة أشكال، منها:

الأول، تتولاه الولايات المتحدة الأميركية التي تتواصل مباشرة أو عبر حلفائها الغربيين والعرب مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي من أجل القبول باتخاذ قرار إرسال الجيش اللبناني بقوات كبيرة الى الجنوب، مع انتشار وحدات إضافية من قوات الطوارئ الدولية، وأن تكون مهمة الجانبين هي نزع سلاح المقاومة. وإن لم تكن المطالبة بنزع السلاح وصلت الى مرحلة صريحة، إلا أن الرسائل كلها تتحدث عن هذا المسار، مع التهديد المتواصل بنية العدوّ الإسرائيلي تنفيذ عملية برّية في الجنوب لم تتضح آليتها بعد.

الثاني، بدأ التدخل المباشر في عمل مؤسسات الدولة. فإلى جانب تهديد العدوّ بفرض الحصار البري والجوي على لبنان، بدأ الأميركيون بتنفيذ طلبات إسرائيلية تتعلق بإجراءات متعددة؛ من بينها رصد كل ما يدخل إلى مطار بيروت أو يخرج منه، والضغط على الأجهزة الأمنية والعسكرية لتشديد عمليات التفتيش للحقائب والأمتعة كافة. كما اشترطت الولايات المتحدة أنّ أيّ مساعدات تصل إلى لبنان يجب أن تدخل عبر الأمم المتحدة في تكرار واضح لما حصل في غزة.

الثالث، يتولاه فريق 14 آذار وحلفاء الولايات المتحدة في لبنان، في تشكّل يعيدنا بالذاكرة الى ما كان موجوداً في عام 2006 (لكن من دون تيار المستقبل والحزب الاشتراكي). وقد بدأ هذا الفريق بدعم الأهداف المركزية للعدوّ الإسرائيلي ومؤازرته سياسياً. وباشر حملة يرجّح أنها ستتصاعد مع الوقت، وتهدف الى تشكيل قوة ضغط داخلية لدفع حزب الله الى التنازل من خلال قبول طوعي بنزع السلاح وتسليم الجنوب الى الجيش. ويتعهد هؤلاء للجانب الأميركي بأنهم مستعدون لخوض حملة تحريض طائفية ومذهبية على المقاومة في الداخل. ويتصرف هؤلاء على قاعدة أن حزب الله انهار، وأنهم أمام فرصة تاريخية تتيح لهم الإمساك كلياً بمقدرات السلطة والإطباق على الحياة السياسية، متجاهلين تطورات كبيرة حصلت في العقدين الماضيين.

أمام هذا الواقع، قدّم لبنان رؤيته السياسية والديبلوماسية لتجنّب الحرب، مكرراً موقفه بضرورة وقف الحرب عليه وعلى قطاع غزة، وضرورة الالتزام بالقرارات الدولية وتطبيقها، ولا سيما القرار 1701 الخاص بلبنان والقرار 2735 الخاص بغزة. أتى ذلك على لسان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد لقاءات مع الرئيس بري، الذي أكد أن «لبنان لا يزال ملتزماً بما تم الاتفاق عليه مع الوسيط الأميركي أموس هوكشتين من مسار ينتهي بوقف إطلاق النار مع إسرائيل وتنفيذ القرار الدولي 1701».

 

لكنه رفض بشدة في المقابل ربط وقف النار بمسار الانتخابات الرئاسية، وقال بري لـصحيفة «الشرق الأوسط» إنه «لا علاقة لأحد بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية، ومن غير المسموح التدخل فيه، لأنه موضوع سيادي. ومع أننا نرحّب بأي مساعدة، إلا أننا نرفض أية تدخلات ومحاولات إملاء». وإذ أكد تطابق الموقف مع ميقاتي، وتأييده ما صدر عنه، أوضح رداً على سؤال أن التواصل مع حزب الله قائم، وأن الحزب ليس بعيداً عن هذا التوجه. وقال «هذه المبادرة، التي طرحتها سابقاً، كنت قد توافقت عليها مع السيد حسن نصر الله بالتفصيل، وهذا التوافق لا يزال ساري المفعول».

 

وأوضح بري بعيد لقاءات أجراها مع وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو، وقائد الجيش العماد جوزف عون: «لقد أبلغنا الوزير الفرنسي بالموقف اللبناني الملتزم مضامين نداء الدول العشر الداعي إلى وقف النار وتطبيق القرار 1701 فوراً على الأسس التي تم التوافق عليها مع الموفد الأميركي».

الاتصالات الداخلية لا تحمل جديداً، وبري أكد تمسكه بما كان قد اتّفق عليه مع الشهيد نصر الله

وفي ما يتصل بزيارة بارو، الذي التقى بري وميقاتي وقائد الجيش ووزير الصحة فراس الأبيض، قالت مصادر مطلعة إن «الوزير الفرنسي لم يحمل أيّ مبادرة وليس في يده أيّ شيء تستطيع فرنسا فرضه على إسرائيل، لأن الأخيرة لا تسمع لأحد وماضية في حربها»، وإن «بارو حمل معه أقصى ما تستطيع بلاده تقديمه وهو المساعدات التي أعلِن عنها»، فيما أشار بارو إلى أنّ «ثمة حلولاً ديبلوماسية» في لبنان.

 

وقال خلال مؤتمر صحافي في قصر الصنوبر: «شروط الحل الديبلوماسي الدائم معروفة منذ زمن طويل، وتتمثل بالسعي إلى تطبيق القرار 1701 فوراً من خلال وقف الأعمال العدائية على جانبَي الحدود ووقف إطلاق النار، وانتشار الجيش اللبناني جنوبيّ الليطاني، وانسحاب المسلحين من جانب الحدود وتعزيز قدرات القوات الدولية والوصول إلى حل حول الحدود البرية، وذلك ليس بمستحيل في حال وجدت الإرادة السياسية من كلا الجانبين».

وفي السياق، علمت «الأخبار أن الخط العربي المفتوح مع لبنان «انخرط في معركة الضغط الغربية»، وبدأت بعض العواصم العربية بالتشديد على «ضرورة أن يكون هناك قرار موحّد من الدولة في ما يتعلق بقرار وقف الحرب، مع التشديد على أن يقوم الرئيس بري بهذا الدور، والمقصود أن يضغط بري على حزب الله للتراجع أو تقديم تنازلات».

You might also like