على مَن تقع مسؤوليّة تأمين النازحين اللبنانيين والسوريين في البقاع؟!

الديار: مريم نسر-

منذ الإعلان عن سقوط النظام السوري في الثامن من كانون الأول عام 2024، وبدء موجة نزوح جديدة الى لبنان تشمل سوريين ولبنانيين، بدا واضحاً أن البلد دخل في أزمة جديدة، فبدل من حل أزمة النازحين السوريين الذين دخلوا الى لبنان عام 2011، وإعادتهم الى بلادهم بعد سقوط النظام، دخل عدد جديد الى لبنان لا يُستهان به، والمشكلة هنا تكمن بظل الموجة الجديدة للنازحين، أنه لا يمكن عودتهم الى سورية بواقعها الجديد، ما يعني أنه بدل من إيجاد حل لمشكلة موجودة أصلاً، أصبح لبنان أمام مشكلة تتفاقم وليس هناك أي أفق لحلها، وبخاصة أن النازحين الجدد ليس لديهم مَن يسأل عنهم، ولا مَن يتكفّل بهم من الخارج كما حصل مع مَن سبقهم، وفي لبنان هناك حديث دائم عن ضعف قدرات الدولة أمام هكذا نوع من الأزمات.

 

تقول مصادر متابعة للملف انه دخل الى لبنان 150000 نازح من سورية، كانت وجهتهم الأولى البقاع وتحديداً الهرمل، ومن ثم توزّعوا على باقي المناطق اللبنانية وصولاً الى الجنوب، لكن بقيَ العدد الأكبر في البقاع أي حوالى 100000 نازح، وفي الهرمل بشكل خاص بلغ عدد النازحين السوريين 70000، أي ضعف عدد سكان المدينة في توقيت دقيق وحساس، بحيث ان هذه المنطقة كانت خارجة من حرب “إسرائيلية” ونالت نصيبها من الشهداء والدمار، وفجأة وجدت نفسها أمام مسؤولية استقبال نازحين هاربين من شبح الحرب في بلادهم وعليها إيوائهم، ففتحت بيوتها والمساجد والحسينيات لاستيعاب الناس، بانتظار أن تأتي الدولة لتتحمّل مسؤوليتها، إلا أنها لم تأتِ، وحتى الجهات المانحة التي ساعدت النازحين القدامى لم تقدّم أي مساعدة للجُدد في البقاع.

 

من بين النازحين كان هناك 5000 عائلة لبنانية أرسلت لهم الدولة اللبنانية مساعدات لا تُذكر في أيام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وفق المصادر، وعندما قدّمتها كانت حصراً لهم ولم تشمل هذه المساعدات النازحين السوريين، فتولّى حزب الله مهمة استيعاب هذا العدد الكبير من اللبنانيين والسوريين، وتقديم المساعدة لهم رغم تكلفتها الكبيرة، وسانده بعض الجمعيات اللبنانية والهلال الأحمر الإيراني ومرجعيات عراقية، وكذلك وصلت مساعدات من مجلس النواب العراقي، ورغم ذلك فإن هذا الملف يحتاج الى دولة لحلّه بمختلف جوانبه.

 

وتقول فعاليات المنطقة في الهرمل على الدولة اللبنانية على الأقل أن تتكفل بالنازحين اللبنانيين، الذين أتوا من سورية تاركين أملاكهم وأرزاقهم وأراضيهم وبيوتهم التي احتلتها وأحرقتها “هيئة تحرير الشام”، فإذا لم تقم الدولة بأي اتفاق مع الإدارة السورية الحالية بخصوصهم، على الأقل تتحمل مسؤوليتهم في لبنان، ريثما تجد صيغة حل مع السلطات السورية، لكن حتى اللحظة لا يوجد توجّه من قبل الدولة بهذا الاتجاه، وليس هناك أي تحرّك لاستيعابهم داخل الأراضي اللبنانية وتحديداً في البقاع.

 

إذا… يمكن القول إن لبنان أمام أزمة نزوح جديدة لا حلول لها في الأفق، حيث لا إمكان لعودتهم الى سورية بظل واقعها الحالي، مما يزيد العبء على لبنان بظل قدرات ضعيفة أساساً، فكيف ببلد لم يَخرج بعد من عدوان “إسرائيلي” عليه. لذا وفي الوضع الطبيعي والمنطقي أن تضع الدولة الخطط أو على الأقل تُجري مباحثات لإيجاد حلول، تُخفِّف من حدة الأزمة إذا كان حلّها يفوق قدرة الحكومة، وليس تجاهلها وعدم الإتيان على ذكرها، وكأن البلد لا يعيش أزمة من هذا النوع.

You might also like