عكس السير: هلا حداد-
راكم منصور فاضل خبرة طويلة في العمل الحزبي والانخراط الشعبي، لدرجة يُقال إنه يعرف أخبار أهل المتن الشمالي كما يعرف تفاصيل حياة أسرته. اليوم، يخوض فاضل التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة كمرشح محتمل عن «التيار الوطني الحر» في دائرة المتن الشمالي على أحد المقاعد المارونية.
صريح وواضح، لا يلتفت للمجاملات أو المواربة، يقول كلمته كما يراها. وفي هذا الحوار، تناولنا معه الأجواء الانتخابية ومواقفه من بعض القضايا الاجتماعية.
بداية، تعازينا. شاهدنا في استطلاع الأستاذ إبراهيم كنعان أن هناك ثلاث قوى رئيسية في المتن: القوات، الكتائب، والأستاذ إبراهيم. أما التيار الوطني الحر فبدا كفريق صغير بالكاد يمكن أن يحصل على مختار. ما تعليقك؟
للأسف، فقدت بعض استطلاعات الرأي صدقيتها وجدّيتها بسبب الأرقام غير الدقيقة والأساليب غير العلمية المُعتمدة أحيانًا. من المفترض أن تتسم الاستطلاعات بالمهنية، من حيث وضوح الأسئلة، دقة العينة، وموضوعية التحليل. وإذا كان الاستطلاع يُظهر الأستاذ إبراهيم كنعان كقوة أولى، فالأيام المقبلة كفيلة بكشف الحقيقة، ويظهر حجم التيار الوطني الحر الفعلي في المتن، والذي لا يمكن اختزاله أو التقليل من شأنه بهذه الطريقة.
كيف هي أجواء الانتخابات في المتن؟
الحركة الانتخابية ناشطة، لكن من دون وضوح تام في ما يخص التحالفات أو أسماء المرشحين. هناك جوجلة حزبية للاستقرار على الأسماء، ولا شيء محسومًا حتى الآن. وتبقى للمتن الشمالي خصوصيته الانتخابية والسياسية، حيث تأخذ الصراعات طابعاً مميزاً.
هل حُسمت أسماء مرشحي التيار؟
التيار يطرح حالياً ثلاثة أسماء: هشام كنج عن المقعد الأرثوذكسي، إدّي معلوف عن الكاثوليكي، ومنصور فاضل عن الماروني. هناك الكثير من التحليلات حول طبيعة المعركة. البعض يقول إن ترشيح الكاثوليكي محسوم بسبب المواجهة السياسية مع القوات اللبنانية، وهناك من يطرح معركة على الكاثوليكي والأرثوذكسي معًا، وآخرون يرون أن المقعد الماروني مضمون. حتى اللحظة لا شيء نهائيًا أو ثابتًا.
ما هي فرص التيار؟ حاصل واحد أم أكثر؟
أعتقد أننا قادرون على تحقيق حاصلين. يعتمد ذلك على تركيب اللوائح، ونسبة الاقتراع، والحماسة السياسية في الشارع. لسنا بعيدين عن تحقيق حاصلين.
كيف هو المزاج الشعبي تجاه التيار منذ نكسة 17 تشرين حتى الحرب الأخيرة؟
المزاج الشعبي في المتن مسيّس، ولا ينجرّ بسهولة إلى الخطابات الطائفية الحادّة. شهدنا أخيرًا تشنجات ناتجة عن أخطاء تكتيكية أكثر منها خيارات استراتيجية، إذ تمّ دفع المزاج العام نحو خطاب طائفي معين، لكن أهل المتن معروفون بوعيهم وثقافتهم، ولا سيما في الوسط والجرد، وقد أخذوا العِبر من أيام الحرب الأهلية التي خلّفت حواجز في ما بينهم. من هنا، يبقى المتن ركيزة أساسية في الحياة السياسية، ومثالاً على الوعي والانفتاح.
هل يُعقل أن يُحاسب الناس على أساس التقصير في تقديم الخدمات؟
الخدمات تشكّل أزمة حقيقية في لبنان. لا يمكن تجاهل أن المواطن يطلب الخدمة لأن الدولة المركزية والقطاعات الرسمية غائبة. هذا الفراغ غالباً ما يملأه أفراد يمتلكون القدرة على تلبية تلك الحاجات. لكن الخدمة يجب أن تكون حقاً للمواطن، لا موسمية، ولا مرتبطة فقط بالاستحقاقات الانتخابية. وعلى مَن يقدم الخدمة أن يكون شفافاً، فيوضح لصاحب العلاقة واقع ملفه، ولا يعده بوعود كاذبة. والمطلوب ألا تُستعمل الخدمات أداة انتخابية، أو أن يتحوّل المواطن إلى سلعة في صندوق الاقتراع.
هل أنت مع الكوتا النسائية؟
أنا مؤيّد لمشاركة المرأة في الحياة السياسية بشكل كبير ومباشر، وليس فقط عبر الكوتا النسائية، لأن الكوتا قد تُحدّ من طموحها وتمثيلها. المرأة أصلح للعمل السياسي، لأنها نصف المجتمع عددياً، وكلّه أخلاقاً وتضحية ونشاطاً وأمومة وعطاء. هذه الصفات تجعلها تقدّم أكثر مما تأخذ، وهذا تماماً ما تحتاجه السياسة. من هنا، من الضروري اعتماد الكوتا النسائية في مرحلة معينة لتثبيت حضورها في العمل السياسي، لكنها ليست الحل النهائي.
ما موقفك من حق إعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها؟
هذا حقّ مقدّس لا يجب حرمان المرأة منه، لكن تطبيقه يجب أن يترافق مع استقرار مفهومي المواطنة والدولة المدنية في لبنان، حتى لا يُستخدم للإخلال بالتوازن الديموغرافي أو التأثير على التركيبة اللبنانية.
ومن الزواج المدني؟
الزواج المدني ضرورة، تماماً كما هو الأوكسجين، لأنه يؤمن حرية الاختيار ويكرّس مبدأ الدولة المدنية.
ماذا عن إلغاء المادة التي تجرّم المثلية؟
الجريمة الحقيقية هي في الاعتداء على حرية الآخر أو جسده. في المقابل، أرفض تعميم المثلية على المجتمع وكأنها حالة طبيعية، فهي لا تنسجم مع تعاليمنا الدينية ولا مع عاداتنا وتقاليدنا. أحترم الحياة الخاصة للأفراد، لكن لا أقبل الترويج للمثلية وكأنها قاعدة عامة طبيعية.
كيف ستخوض معركتك الانتخابية من دون دعم مالي؟
دعمي الوحيد هو أنني أمضيت ٣٧ سنة في مؤسسات التيار الوطني الحر، كنت نضالياً على الأرض، إلى جانب الناس. هذا الرصيد لا يُقدّر بثمن. ضحّيت بوقتي وعائلتي وشغلي لأكون حاضراً في الشأن العام.
لكن للمال دورًا مهمًا في المعركة؟
صحيح، لكن من يملك 10 ملايين دولار ليصرفها على حملة انتخابية فقط للتعرّف على الناس الذين أعيش بينهم منذ عقود، لن ينجح بسهولة. لقد استثمرت 37 سنة في علاقات إنسانية لا تُشترى بالمال. يؤلمني أن يُقال لي: ما معك مصاري، كيف بدك تترشح؟. جوابي بسيط: هل يجب أن أملك المال لأصبح نائباً؟ بهذا المنطق، من يملك المال هو من يصنع السياسة، وهذا أخطر ما يمكن أن يحدث، لأن من لا يملك المال لا يمكن ابتزازه، أما من يملك المال فهو عرضة للضغوط من كل الجهات. أنا فقير لدرجة أن لا أحد يستطيع أن يضغط عليّ، حتى في تعبئة البنزين.


