عكس السير: سمير جعجع إبداع في الانفصام

عكس السير: بسام الترك

بعد أن نصّب نفسه زعيم المشروع الجديد، ورئيس المحور الفائز بالحرب والانتخابات، وقائد الأكثرية في السلطة، وصل عجز الحكومة درجة، أرغمت سمير جعجع على أن يعارضها ويهاجمها لحفاظ ماء الوجه أمام جمهوره، وتغطية كذبه وتضليله.

لنضع الأمور في نطاقها:
انتخبوا جوزاف عون،
وسمّوا نواف سلام،
وهُم اليوم الأكثرية.

وبحسب قول فريقهم، “أحلى شي بالحكومة هو إنو التيار منو فيا لتكون منتجة وبلا عرقلة”. عظيم!

السلطة معهم، والأكثرية معهم، والغرب والخليج والمال، والأهم، صمت الإعلام والنقابات معهم لدرجةٍ تثير الدهشة…حتى الريبة.

 

وبالرغم من كل هذا، راعيهم ينعت لبنان بالدولة الفاشلة، وطبول الحرب تَقرع، والبلد مفلس، والاقتصاد منهار، والإدارات جيّرت معاملاتها إلى “ليبان بوست”، وأموال الناس ما زالت محجوزة، والغرباء باتوا أكثر من المواطنين على أرضهم وفي مدارسهم، والثروة النفطية حوّلوها سرابًا، وها هم الآن على وشك تجريد المغتربين من حقّهم في الإقتراع لشراء صوتهم بتذكرة سفر أو التمديد للمجلس النيابي للحفاظ على الأحجام والتوازنات الحالية التي تناسبهم.

 

لم ينفّذوا خطة للكهرباء ولم يقترحوا بديلًا ولم ينفذوا وعودهم؛ لم يُكملوا السدود ولم يقدّموا حلولًا بديلة لتأمين المياه.

لم يشتكوا على مسؤولٍ واحدٍ رغم اتهامهم وزراء بالسرقة والفساد، بل ظلموا وركّبوا ملف ضد رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان، وأخرجوا رياض سلامة من السجن.

واللائحة تطول…

 

بعد تسعة أشهر، لم يعد بإمكانهم إخفاء الحقيقة: كاذبون، فاشلون، عاجزون، رديئون، وعديمو الكفاءة إلى حدٍّ جعل سمير جعجع، ولكي يتنصّل من المأزق الذي أوجد نفسه فيه، ويبرّر ما لم يعد بالإمكان إخفاؤه، يلجأ إلى الأسلوب الوقح الذي وحده يجيد، والمهين للعقل البشري الذي وحده يجرؤ عليه:

فبعد أن سوّق نفسه زعيمًا للسلطة الجديدة ومشروعها، ونصّب نفسه “بيّ الصبي”، قرّر أن يصبح معارضًا لها…مما يعني، معارضًا لنفسه!

 

إنها قمة الإفلاس والدجل والنفاق السياسي والأخلاقي، وقمة الإبداع في الانفصام.

فكّروا فيا.

You might also like