إنها مأساة هذا الوطن وجلجلته المستمرة، أن تتحكم منظومة ال1992، منظومة الميليشيات والسرقة وضرب الدولة، بالدستور والميثاق، ويتواطأ معها من يرغي ويزبد كل يوم بالدستور والميثاق وب”انتخاب الرئيس”…
إنّها المأساة المستمرة، وجريمةٌ قديمة – جديدة، لكن في توقيتٍ آخر. هي مثلها مثل رفع عدد النواب من 108 إلى 128، وتعيين النواب قبل انتخابات 1992، والنفي، والسجن، وضرب المقاومين من أجل السادة، والتمديد للياس الهراوي وإميل لحود، وإنتاج الحكومات بسيف الخارج والإقصاء والتهميش والقمع.
هو المسلسل نفسه، والممثلون أنفسهم، وكذلك المتواطئون والمتفرجون والساكتون، والذين لا همَّ لهم سوى تحويل الأنظار عن الجريمة الحقيقية، والتهجم على المدافع الأول عن الدستور، والكيان، وكل ما هو مرتبط بمفهوم الدولة وبحمايتها. فهل ننتظر مواقف ورفعاً للسقف وتوجيهَ الأصابع والكلام الناري، في اتجاه المجرمين الحقيقيين، والإستفاقة ولو متأخرة أمام فظاعة ما يُرسم لمستقبل لبنان، وعيشه الواحد، وركائز ما تبقى من دولته، أم أن الحقد والنكاية ما زالا ساريي المفعول ولا يرتجى من العوسج تين؟!
وحده التيار الوطني الحر، له شرف المواجهة، ورفع الصوت، وتنبيه اللبنانيين من مخاطر ضرب الميثاق المرتبط بالكيان، والمؤسس للدولة، والناظم للدستور وكل ما يتفرّع عنه، فإذا ما سقط، تحلل كل رابط بين المجتمع اللبناني المتنوع، وسقط كل رادع وكل رابط دستوري وقانوني.
وفيما السكوت يعم الوسط السياسي والديني اللبناني أمام تغييب الوزير في تعيين رئيس للأركان وما يمثّل، بادر رئيس “التيار” جبران باسيل إلى الإضاءة على المرتكب المتلطي بحمايات سياسية، وتحذيره من مغبات الجريمة الكبيرة، والتي تستوجب المحاكمة والطعن وكل الإجراءات اللازمة. باسيل الذي أصدر بياناً أمام التاريخ قبل المسؤولين في السلطة والسياسة وعالم الدين، عرّى جميع المتواطئين مع ميقاتي وحكومته، والساكتين كالخرس، والمتفرجين الذين يزعقون أمام تنبيهات “التيار”، فإذا بهم صامتين جبناء أمام الجريمة ومرتكبيها.
تعمُّد باسيل الإشارة إلى جريمة ذبح الطائف وتحديد تاريخ 8 شباط 2024 ليحفظه الجميع جيداً، استوجب منه تحديداً لمسؤوليات الجميع. فمدّعو السيادة يكذبون، وأهل الحكم يحكمون بالتفرد، ومن يرفض دعوة انتخاب رئيس يشرع في غيابه، فبات الواقع اللبناني أمام جريمة اغتصاب سلطة، والجريمة الأكبر قتل وطن بالدستور، على ما شدد باسيل…
وفيما ميقاتي منهمك بقتل الدستور وارتكاب الجرائم بحق الميثاقية والشراكة، كان الجنوب يلتهب بالغارات الإسرائيلية والقصف المعادي. وقد طاولت الغارات مساء اليوم الخميس مدينة النبطية حيث استهدفت المسيرات سيارة قيل إنها تقل قياديين من حزب الله، في الوقت الذي كان فيه الطيران المعادي يحلق فوق العاصمة بيروت وجبل لبنان على علو منخفض.