شو الوضع؟ رئاسة الجمهورية في مهبّ البازار وتهافُت انتهازيي العهود… أما المطلوب فجوهرٌ مختلف!

عشية اجتماع اللجنة الخماسية لأجل لبنان في نيويورك، تبدو القوى الدولية والإقليمية المؤثّرة في سياق رئاسة جمهورية لبنان في بازارٍ مفتوح على كل الإحتمالات، ربطاً تحديداً بما تؤول إليه صيغة التفاهمات الموضعية بين الولايات المتحدة وإيران على مستوى المنطقة. وفي حين أنّ البعض لا يزال مقتنعاً أو يصرّ على أن الصراع وخاصة الإيديولوجي منه لا يزال يحكُم العلاقة الأميركية – الإيرانية، فإن الوقائع تشير إلى العكس تماماً، حيث تحكم البراغماتية والمصالح لا بل التفاهمات الضمنية وخاصة في مرحلة باراك أوباما والتي توّجت بالإتفاق النووي، وصولاً إلى الإشارات المتبادلة اليوم والتي ترجمت أمس بالإفراج عن الأموال الإيرانية والموقوفين الأميركيين.

 

وفي لبنان منطق البازار نفسِه. تمترُس الثنائية الشيعية وراء سليمان فرنجية، في مقابل وقوف قسم وازن من فريق المواجهة ضد حزب الله إلى جانب قائد الجيش. يرفعُ “الثنائي” صوته ومطالبه بدعم فرنجية حتى النهاية، موجهاً الرسالة إلى الخارج والأميركيين تحديداً، في الوقت الذي يترنّح فيه حوار رئيس المجلس نبيه بري، ويبقى مجرد وسيلة فعالة لتمرير الوقت حتى أوان نضوج “التسوية”. وحتى ذلك الحين، يبقى كل ما سبق في إطار البازار الفعلي، من إيحاء للجماهير ب”مصيرية” المعركة، وبإيصاد أبواب التفاوض، وبرفع السقوف، في حين أن هذه كلها من “عدّة الشغل” التفاوضي، والمعروف في الأروقة والدوائر السياسية، بعيداً من أوهام الجماهير.

 

فإزاء التخلي عن ورقة فرنجية من قبل حزب الله، ضماناتٍ للمرحلةِ المقبلة في مسائل الحكومة والإقتصاد والضغط المالي على لبنان، أما في مسألة القوى الإقليمية فالسعودية لن تتخلى عن معارضتها فرنجية من دون التأكد من أثمانٍ مضمونة لا سيما على صعيد متابعة التسوية في اليمن وتنفيذ مندرجاتها. ومن هنا، يصبح اللبنانيون مفترجين في “ستاد” على بازارٍ معلن ومفضوح على رمي الأوراق ورفع الأثمان لرئاسةٍ يُفترض أن يكونوا هُم من يصنعونها في سبيلِ مصالحَ لبنانيةٍ ذاتيةٍ لا غير. وحتى ذلك الحين، سترتفع حدة التجاذب والتعطيل والشغور، قبل أن تجمع القوى الدولية والداخلية التي تتخاصم على جلد لبنان، من دون أي نقاش حقيقي وفعلي حول بناء الدولة والإدارة المالية والإقتصادية الجديدة.

 

أما للتيار الوطني الحر فموقفٌ مغاير لكل هذا الإستمرار اللبناني في تضييع الفرص ووراثة العقلية التقليدية السياسية نفسها. فالأساس هو المصلحة اللبنانية العليا والذاتية، والتي تُترجم في السياق الحاضر لا بالتناتش بين الشخصيات والقوى الصغيرة التي تتهافت على كلِّ عهد وولاية رئاسية لحجزِ مقاعد للتصدر والبروز المجتمعي الفارغ، بل بإحداث تحولاتٍ عميقة تصب في صالح كلّ اللبنانيين المتعطشين إلى لامركزيةٍ تنموية يساهمون عَبرها في صناعة قرارهم المحلي، وإلى سياسات مالية جديدة لا يسيطر عليها نبيه بري، وإصلاحات جذرية لا شكلية أولها إعادة هيكلة المصارف، لا تعويم المنظومة المصرفية – السياسية الخادعة.

 

وفي المواقف السياسية فقد ركزت اليوم على ملف الحوار، وقد أوضح البطريرك بشارة الراعي من أستراليا مواقفه في هذا الشأن مشيراً إلى أن ما يقصده هو أن هذا الحوار يجب أن يكون من خلال التصويت في المجلس النيابي في انتخابات الرئاسة. أما رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع فشدّد من جهته على أن الحوار مضيعة للوقت ومجدداً التمسك بجهاد أزعور في مقابل ترشيح فرنجية.

 

وعلى خطٍ آخر، سُجل اليوم تطور إقليمي خطر من خلال استئناف إذربيجان اعتداءاتها على ناغورني – كاراباخ، ما أدى إلى استنفار الدولة الأرمنية وطلبها الدعم من الجوار الروسي والقوى الدولية على حدٍ سواء، في لعبة جيو-استراتيجية لا ترحم الدول والمجتمعات الصغيرة.

 

 

 

 

You might also like