هناك في البيئة اللبنانية عموماً، وحتى في ما لا يُعلَن في بعض الأوساط الشيعية، شعورٌ ملتبس إزاء سلوك إيران مع كل ما حصل في لبنان منذ بدء الحرب. ومهما يكن من تسمية هذا الشعور، فإنه لا شك يعبّر عن ضيق بسلوكيات ومواقف إيرانية، وصولاً إلى الرفض والإعتراض، تعبيراً عن انطباعٍ لبناني عميق بأنَّ لبنان يدفع الثمن عن مصالح إيرانية، خاصة بعد كل ما تعرض له البلد، ومن ضمنه حزب الله بما في ذلك الإعتداءات المؤلمة وفي طليعتها استشهاد السيد حسن نصرالله.
وربما يمكن وضع رد فعل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على تصريحات نُسبت لرئيس مجلس النواب الإيراني محمد قاليباف لصحيفة “الفيغارو” الفرنسية، وخلاصتها كما فُهِم، أن إيران مستعدة للتفاوض مع فرنسا حول تطبيق القرار 1701. وبعد رد فعل ميقاتي، والذي استُتبع بطلب لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب باستدعاء السفير الإيراني، سارعت مصادر إيرانية إلى نفي نية التفاوض عن لبنان، وتأكيد الوقوف إلى جانبه.
وفيما كان لبنان يتابع التصريحات المنسوبة لقاليباف، حطَّت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني في بيروت، ملتقية رئيس مجلس النواب نبيه بري وميقاتي، ومشددةً على دعم لبنان وجيشه وضرورة وقف النار وتطبيق القرارات الدولية.
زيارة ميلوني تأتي في وقتٍ تتوجه الأنظار إلى المؤتمر الذي تعمل فرنسا على تنظيمه، معوّلة على مشاركة واسعة في سبيل دعم لبنان والجيش، ضمن رسم إطار مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، وتنظيم الوضع الجيو استراتيجي والميداني في الجنوب. وعلى الرغم من أن ذلك يمكن أن ينتظر وقتاً لا سقف له حتى الساعة، فإنَّ كل هذه التحضيرات والإستعدادات، ستصبّ لاحقاً في رسم المشهد اللبناني الجديد من بوابة الجنوب.
وفي المواقف من الحرب، جدد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل التحذير من مخاطر انزلاق لبنان إلى فتنة داخلية، ومشدداً على ضرورة مواجهة تلك الإحتمالات، ووضع مصلحة لبنان وأولوية الدولة فوق كل اعتبار. وفي تصريحات لصحيفتي “المدن” و”لوريان لوجور”، شدد باسيل على أن البداية تكون من خلال انتخاب رئيس للجمهورية يكون فاتحة لسياق إنقاذي، وكاشفاً عن توسيع مروحة الأسماء التي طرحها “التيار” على بساط النقاش ولو كان مختلفاً معها، ولو كانت تضم أسماء كسمير جعجع والعماد جوزف عون.
وهذه المواقف، تكشف مرة جديدة، عن النية الإيجابية للتيار ورئيسه، عبر مد اليد للجميع، وعدم توفير أي مسعى للوصول إلى التوافق المنشود، بما يتجاوز الإختلافات التقليدية بهدف الجمع بين اللبنانيين.
على خطٍ آخر ومن بوابة غزة، فتحَ مقتلُ رمز حركة حماس في فترة “7 أكتوبر” يحيى السنوار، وبمشهديةٍ رمزية للصراع بين المقاوم والمعتدي، وبين التكنولوجيا وبين كل الوسائل التي يمتلكها من يدافع عن أرضه، الباب أمام تشدد مفهوم لدى حماس، إزاء المرحلة الجديدة ومن ضمن ذلك التفاوض حول الأسرى.