بعيداً عن الإنقسام التقليدي بين اللبنانيين، حيث يزدهر الحقد ونزعات الإلغاء السياسي لا بل الجسدي، يترقّب اللبنانيون حدث تشييع السيدين حسن نصرالله وهاشم صفيّ الدين، ليس للرسائل التي ستوجَّه الأحد، بل لمعاينة الدور الذي يرسُمه حزب الله لنفسه، بعد كلّ التغيرات والتحولات التي أنتَجتها الإندفاعة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط، من بوابة “حرب تشرين” الفلسطينية.
وما يريده اللبنانيون، أي أولئك المؤمنون بلبنان سيد مستقل فعلاً لا قولاً في زمن انتهاك المصطلحات و”تعهيرها”، وبدولةٍ فعلية لا إسمية، هو تعميق انخراط “الحزب” في مسيرة بناء هذه الدولة المنشودة، بعدما رفع أولوياتٍ أخرى فوقها، فكان ما كان من انكشافه أمام وحول الفساد، وتغطية المنظومة.
والتحديات أمام كل الدولة وأركانها، كثيرة وثقيلة. فلا ينفع معها الكلام المعسول والوعود البراقة والخطابات التقليدية، فيما المطلوب الجرأة على محاربة الدولة العميقة، والمنظومة المصرفية – السياسية التي سرقت أموال اللبنانيين وهرّبتها إلى الخارج. والجرأة مطلوبة أيضاً، في استكمال تطبيق الطائف، حيث يُفترض ان تكون هناك لامركزية فعلية إنمائية شاملة، لا التصاقاً بنظام فاسد للتحكم بالناس. وحيث يفترض أيضاً، خطة إصلاحية في إعادة هيكلة المصارف، وتطبيق الإصلاحات المالية، بالتوازي مع الحفاظ على شراكة فعلية وتامة.
وفي المواقف السياسية، ذكّر رئيس الجمهورية جوزاف عون أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بان “الفساد بات، وللأسف، ثقافةً… ولن يتوقّف إذا لم تكن هناك مُحاسبة”، وقال للوفد: “لا تتردّدوا في تطبيقِ القانون، وليكنِ الحكَم ضميركم وأخلاقكم، ولا تخضعوا للضغوط من أيّ جهةٍ أتَت”.
وعلى خط مواز، يتحضر التيار الوطني الحر لورشته التنظيمية والسياسية السنوية في 14 آذار، حيث سيجدد صورته كتيارٍ يتمسكُ بحماية لبنان – الكيان والوطن، وببناء الدولة، وبالغد العصري الحديث الذي يليق بشبابه.