شو الوضع؟ انتخابات فرنسا تزيدُ الشلل وأزمة الجمهورية الخامسة… وإقحامُ بعض اللبنانيين أنفسهم مضحك!

هي أزمةُ مجتمعٍ وجمهورية، لا انتخاباتٍ نيابية فحسب. مجتمعٌ متوترٌ وجمهوريةٌ خائفةٌ وقلقة، أمام أزمة هوية وعلاقات بالجنوب العربي – الإفريقي، بات مهاجروه في داخل فرنسا وشوارع مدنها. هي أزمةُ دولةٍ وضعها شارل ديغول يوماً في موقع الإستقلالية عن الحليف الأميركي في الحرب الباردة، فإذا بها تنزلقُ رويداً رويداً إلى التبعية للولايات المتحدة، من دونِ أن يشفع لها ذلك في بيع غواصاتها إلى أستراليا، ولا إلى الوقوف على رأيها في المفاصل الرئيسية. ولعل في ما كتبه إيمانويل تود عن “هزيمة الغرب” ومن بينه فرنسا، قراءةٌ في أسباب الإنحدار، وأبرزها التخلي عن القيم الثقافية والدينية، وتعزيز الأوليغارشية النخبوية التي استولدت شعبويةً مضادة، وإسقاط أوروبا نفسَها بنفسِها فيما يشبه الإنتحار…

 

الشلل يطرق أبواب السلطة التنفيذية بعد اقتسام اليسار واليمين وما بينهما “الماكرونية” الجديدة مقاعد المجلس الجديد. لكنه في النهاية، صراعُ مجتمعٍ يبقى حياً حافلاً بنقاش الأفكار وتنافسها، بالبرامجِ السياسية ولو دخل إليها صراع الهويات في فرنسا ثورة الحرية والمساواة والإخاء. أما في لبنان، فلا النموذج الإيراني يحفزه، ولا نموذج “الأم الحنون” يحرّك ساسته وقواه التي تعشق الفراغ والعبثية ومحاولات الهيمنة، والرهانات الخاطئة، المكررة منها والجديدة.

لكن الأكثر إثارة للضحك، هو إقحام بعض اللبنانيين أنفسهم في انتخابات لا شأن لهم بها ولا تأثير، إلا التعويض عن النقص والفراغ وادعاء انتصارات وهمية، سواء كانت لليمين أو اليسار، فيما هم غارقون في عجزهم عن مجرد التوافق على رئيس، أو حتى النقاش الجدي في الحلول للأزمة المالية والإقتصادية وحقوق المودعين واللامركزية وغيرها، على ما يحصل في مجتمع متطور كفرنسا، وإن كان مأزوماً. هذا إن لم نضف عدم اكتراث القوى السياسية الفرنسية في غالبيتها بإعادة النازحين السوريين من لبنان إلى سوريا، وفي هذه القضية الوجودية كل القصيد في الحفاظ على الكيان اللبناني…

 

في هذا الوقت، تشير التصريحات والتصريحات المضادة في الملف الرئاسية، إلى إصرار على تعميق الفراغ، والتمترس وراء نزعات الهيمنة والإلغاء، أو العبثية في الرفض. وما بينهما، قوى ترفض الإستسلام أمام كل الإستهتار، وتسعى لإبقاء الحراك اللبناني الداخلي حياً على الرغم من كل الصعوبات.

وفي هذا السياق، استُعيد السجال القواتي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كان أكد اليوم الإثنين لصحيفة “الشرق الأوسط” أنه لن يعقد الحوار في حال عدم مشاركة الجميع. فقد شدد على أنه طيرفض دعوة النواب إلى الحوار أو التشاور بمن حضر، لإخراج انتخاب رئيس الجمهورية من الدوران في حلقة مفرغة”، مشيراً إلى “أنه يتطلّع إلى حوار جامع، في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، ولا يتوخّى من دعوته كسر فريق أو عزله”. وأضاف بري: «إننا نريد جمع اللبنانيين؛ لأن هناك ضرورة لتضافر الجهود لإنقاذ بلدنا»، قائلاً: «كفانا تفريقاً وتمزيقاً، ولا خيار أمامنا سوى التشاور أو الحوار، وعندها في خلال عشرة أيام نتمكّن من إنهاء الشغور الرئاسي، بانتخاب الرئيس؛ كونه شرطاً لإعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية،

وقد سارعت “القوات اللبنانية” للرد على بري، معتبرةً أن “هذه الحجة في غير محلها”، لأن القوات اللبنانية ومكونات المعارضة أكدوا مرارًا وتكرارًا تمسكهم بالدستور، ولا يقبلون “بغشهم” من قبل أحد. وأضافت “القوات” في بيانها: “وطالما تقولون، دولة الرئيس، إنّ هناك 86 نائبًا على استعداد للمشاركة في الحوار الذي تدعون إليه، فلماذا لا تبادرون في هذا الإتجاه فورًا والمعارضة لن تكون مستاءة، إنما على العكس تماماً وتلتزم من جهتها المشاركة في الجلسة المفتوحة بدورات متتالية؟”

 

وفي الجنوب، تواصلت عمليات القصف وردود المقاومة. وفي هذا السياق لفتت العملية النوعية لاستهداف حزب الله مرصد جبل الشيخ بما يحمل من إمكانات تجسسية عالية، وهي المرة الأولى التي يُستهدف فيها هذا الموقع الحيوي بعد أن سيطرت عليه القوات الخاصة في الجيش السوري في بدايات الحرب!

You might also like