لبنان في قلب التحديات المصيرية. المخاطر تحيط به من الجنوب إلى الشمال والشرق، والضغط الدولي والأميركي يبقي سلطاته وشعبه في حالٍ من التوتر. فالمطالب لا بل الشروط كبيرة جداً في ظل تغيرات موازين القوى والأحداث العميقة التي هزّت الشرق الأوسط منذ 7 تشرين الأول 2023. ولأنه “ما في اليد حيلة”، ولأن كلفة التنازل عن السيادة تقتضي السعي للحفاظ على الحد الأدنى من حقوق لبنان، يتأخر جواب لبنان الرسمي على ورقة توم براك التي تلهجُ بها وسائل الإعلام.
بالتوازي، للسلطات اهتماماتٌ أخرى، تكاد تبدو فيها وكأنّها على كوكب آخر لا مخاطر فيه ولا تحديات وجودية ولا احتلالاً. ذلك أن توقيف رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري على ذمة التحقيق، وما تسرّب من مطالبات باستقالته قبيل انتهاء ولايته، كشفَ مشهداً آخر مناقضاً للوعود الوردية عن “العدل” و”التكافؤ” و”الإبتعاد عن الكيدية” في التعاطي السياسي.
وللقضاء كل الدور في المحاسبة، والتي يتمنّى اللبنانيون لو شملتْ من سرق ودائعهم وحجزها ونَهبها وحوّلها إلى الخارج. لكن في الوقت نفسه، هذا القضاء يُصبح مطالباً بتثبيت التهم في شكل واضح بالبراهين والأدلة، خاصةً وأن ما تسرّب عن التحقيق أفصح عن الإقتصار على ما يُعرف ب”الإهمال الوظيفي”.
والحاجة تتزايد للأدلة والبراهين، هذا إن افترضنا جدلاً أن هناك ارتكاباً ما، ومنعاً للظلم. فما عرفه الناس عن رولان خوري من التزام بالقوانين، والحرص على الكازينو والمال العام، والتعاطي بسواسية مع الجميع من دون أيِّ خلفيات، يجعل من الصعب جداً تخيّل أنه هو بذاته، قد فرّط بحقوق الكازينو ومصلحته. وبالتالي يحق للبنانيين أن يعرفوا حقائق الأمور بشفافية، حرصاً على العدالة والمصلحة العامة، وعلى المسار القضائي لكي يصل إلى نهاياته المنشودة..
أما بالنسبة إلى خوري، والتيار الوطني الحر، فهما لن يسكتا عن أيّ ظلمٍ يطال الكوادر الشريفة، التي لم تبخل على لبنان ولا على الإدارة بالنضال الوطني، ولا بالأداء الوظيفي السليم!