لم يُعرف إن كان لبنان قد شهدَ أداء سوريالياً كذلك الذي تنزلق إليه السلطة الحالية. فقد يكون مفهوماً أن نشهد حالاتٍ مماثلة في أيام السيطرة السورية ربما، لكننا اليوم، في عصر يُفترض أن السلطة القائمة راشدة، حكيمة، عاقلة، حريصة على مصلحة الوطن، كل الوطن.
هذه السلطة كادت أنْ تجر البلد إلى معركة حقيقة، إلى “موقعة” كما في أسماء معارك العرب في عصورهم الغابِرة، وتصطدم مع شريحة من شعبها أرادت استذكار رمزها. المشكلة ليست في ما يُمكن أن يُفهم أنه استفزاز من هنا أو هناك. والمشكلة أيضاً، ليست في انتفاض نواف سلام من أجل “القانون” و”سلطة الدولة” و”هيبتها”.
المعضلة لا بل المهزلة، هي في أن هذه السلطة نفسَها، تفرّجت، لا بل كانت صمّاء عمياء بكماء، أمام فضيحة إطلاق سراح رياض سلامة. ليس هناك من موقف، كما أنه ليس من دعوة لتشاور كما فعل سلام، المعتكِف، أو الغاضب. ففيما يستمر اللبنانيون بشحذ حقهم ولقمة عيشهم، كل شهر أمام المصارف، كان محامي سلامة، يدفع كفالة 14 مليون دولار و5 مليارات ليرة. نعم، 14 مليون وخمسة مليارات ليرة، ولا أحد يعرف من أين، وإذا كان ذلك من عرق جبين الحاكِم السابق!
وهكذا، توافد نواب ووزراء إلى منزل سلام، الذي لم يُعرف سلوكه، والذي طرق النفير منذ أمس الخميس. وهؤلاء النواب والوزراء، ومعهم شريحة من الإعلاميين، كانوا يصمتون صمت أهل الكهف عن الفضيحة الجديدة في جمهورية الموز اللبنانية.
الأهم، أنه لم يعرف إلى أين ستؤدي تداعيات “موقِعة صخرة الروشة”. فمن جهة، برزت نذر أزمة صامتة بين سلام ورئيس الجمهورية جوزاف عون، وكذلك بين سلام والجيش والمؤسسات الأمنية، بعد الهجوم الذي بادر إليه مع وسائل إعلام، على هذه المؤسسات. هذا الهجوم استدعى رداً غير مسبوق من وزير الدفاع في حكومة سلام. أما وزير العدل عادل نصار، وفيما كان يغفل “عينه الساهرة” عن إخراج سلامة، فاعلن أن النيابة العامة تحرّكت بناءً لمراجعته في استدعاء المسؤولين عن “خرق القانون” في تحرك الخميس، معتبراً أن “القانون يطبّق على الجميع من دون استثناء”.
ويتوازى ذلك مع استمرار حزب الله في إحياء ذكرى شهدائه القادة، حيث “يحُط” السبت الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني للمشاركة في ذكرى السيد نصرالله، وفي خطوة رمزية مع استمرار الإشتباك بين واشنطن وطهران.
ومن نيويورك، كان رئيس الجمهورية جوزاف عون يلتقي قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي الاميرال براد كوبر، وكان تأكيد على “ضرورة دعم الجيش اللبناني للقيام بمهامه في بسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دوليا”.
إلى ذلك، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة عامة تعقد في الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الاثنين وذلك لدرس مشاريع واقتراحات المدرجة على جدول الاعمال.
شو الوضع؟ أداء سوريالي للسلطة: تصعيد في موقِعة “صخرة الروشة” وهروب من فضيحة إطلاق رياض سلامة!
