مرلين وهبة –
يقول قريبون من الرئيس المكلّف نواف سلام، إنّه «من أنبل العائلات السنّية وأشرفها في لبنان»، مستغربين غمز بعض نواب الطائفة السنّية واعتراضهم وغيرهم على حقّه في تسمية الحقائب الوزارية السّنية. وتساءل هؤلاء: «مَن أولى اليوم من رئيس الحكومة السنّي بتسمية الحقائب السنّية، خصوصاً أنّ الرجل المكلّف بتأييد 90 نائباً بمن فيهم النواب السنّة، ويتمتع بكفاية لا يملكها كثر، وهو آتٍ من أعلى سدّة دولية عدلية في العالم. فصحيحٌ أنّه لم يمارس السياسة بمعناها المجازي اللبناني، إنما هو رجل استثنائي شديد المراس والحنكة، ومليء بالتجارب الداخلية والخارجية، وهو بعكس ما يعتقد البعض، قادر على التعامل مع المنظومة الحالية بحنكة، ومع الحكومة المستقبلية بواقعية وتعقّل».
وفي السياق، تكشف المصادر القريبة من سلام عن سبب عدم زيارته حتى الساعة لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، الأمر الذي انتقده البعض بالتوضيح أنّه على علاقة جيدة مع المفتي، وكان الأحب إلى قلبه زيارته. لكن المصادر استدركت بالقول، إنّ رئيس الحكومة السابق حسان دياب حينما أراد زيارة دريان بعد تكليفه مباشرة جاء الجواب من دار الإفتاء «أهلا بك بعد تشكيل الحكومة ونيلها الثقة».
اما في السياق الحكومي، فكشفت المصادر نفسها أنّ الحكومة لن تُشكّل هذا الأسبوع إنما في الأسبوع المقبل. وتنقل عنه عتبه على بعض النواب المعترضين على تفرّده إن لم نقل حقّه في اختيار الوزراء السنّة. متسائلة عمّا إذا كانت تلك الأسماء التي يطرحها أو يتداول الرجل بها مع القريبين منه، غير مستحقة ولا تتمتع بالجدارة الكافية لتولّي الحقائب الوزارية. كاشفة في المقابل من أنّ الأسماء المطروحة تحظى بمناقبية عالية ومستحقة للتسمية في حال تثبتت تسميتها لتولّي الحقائب الوزارية السنّية المفترضة التي يقترحها الرئيس المكلّف.
وتصف المصادر الأسماء السنّية التي يقترحها سلام بأنّها «أسماء سنّية خلوقة، وهي مستحقة لتولّي أعلى المناصب في أي دولة». ومن هذه الأسماء تسمية عامر البساط لتولّي حقيبة الاقتصاد، والدكتورة ريما كرامي عميدة كلية التربية في الجامعة الأميركية (ابنة المحامي رشيد فهمي كرامي) لتولّي حقيبة وزارة التربية، والعميد أحمد الحجار الذي شغل منصب قائد معهد قوى الأمن الداخلي لتولّي حقيبة وزارة الداخلية.
من جهة أخرى، تضيف المصادر نفسها، أنّ سلام وعلى رغم من تداوله مع القريبين منه بتلك الأسماء أو بغيرها، لم يحسم أمره نهائياً بالنسبة اليها، وهذا ما أكّده أيضاً بنفسه من قصر بعبدا.
وفيما أبدت المصادر استغرابها إزاء المعترضين على تفرّد سلام بالتسمية الوزارية السّنية، تساءلت: «ومَن غيره أولى اليوم ؟! ومَن هي القيادات السنّية الأولى بالاعتراض، خصوصاً أنّ الرئيس سعد الحريري بارك له تولّيه مهمّات رئاسة الحكومة وأبدى دعمه الكامل له، رافضاً تسمية أي وزير سنّي لأي حقيبة. وكذلك فعل رؤساء الحكومات السابقون، حيث رفضوا تسمية أي وزير سنّي لأي حقيبة.
أما بالنسبة إلى النواب السنّة، فسألت المصادر نفسها: هل هم على موقف واحد وقرار واحد وقلب واحد ليستطيعوا الاتفاق على تسمية؟ وفضّلت عدم التعليق على مشهد الاعتراض السنّي الشمالي مكتفية بالقول: «لا نريد إضافة مزيد على ما قلناه، لأنّ كل نائب من هؤلاء يتكلم باسم منطقته ومنطقه وليس باسم موحّد. وأنّه من غير المقبول بعد اليوم إذا أراد اي من النواب مطلباً شخصياً، إقحام الطائفة السنّية أو الاعتراض باسمها».
درباس
ويرى الوزير السابق رشيد درباس، انّ اعتراض بعض النواب على إسناد حقيبة المال للثنائي الشيعي «مضخم بعض الشيء»، موضحاً أنّه «في هذه المرحلة، وبعد ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وإذا كانت الطائفة الشيعية ونتيجة لظروف معينة متمسكة بحقيبة وزارة المال، فلا بدّ من إظهار بعض الليونة»، بحسب تعبيره. منبّهاً إلى «انّ على الجميع في هذه المرحلة على الأقل استدراك انّه أصبح لدينا رئيس حكومة قادر على أن يتحكّم في آلية التشكيل، ويمكنه اليوم تسمية بقية الوزراء بحسب استنسابيته، بعكس آلية التشكيل في الحكومات السابقة. وبذلك يمكنه تشكيل فريق عمل قادر على التجانس معه، بعكس ما كان يحصل في آلية التشكيل في الماضي. لافتاً إلى أنّ الرئيس المكلّف إذا كان غير قادر اليوم على تشكيل الحكومة بكاملها فهو على الأقل قادر على استكمالها، وبالتالي الأمر أفضل من عدم تشكيل حكومة كاملة في المطلق، وبالتالي عرقلة تشكيل الحكومة وفرملتها…».
وذكّر درباس «انّ رئيس الحكومة هو في النهاية بحاجة إلى ثقة مجلس النواب، كما أنّ الرجل في المقابل لا يستطيع إعادة إنتاج وجوه مستهلكة، خصوصاً أنّ المجتمع اللبناني أصبح متخماً بالوجوه الكفية».
رئاسياً.. فريق استشاري قانوني؟
من جهة أخرى، وفي السياق الرئاسي، علمت «الجمهورية» أنّ رئاسة الجمهورية في صدد إنشاء فريق استشاري دستوري وقانوني لمقاربة المسائل الدستورية، بعدما قرّر الرئيس جوزاف عون إحاطة نفسه باختصاصيين في كافة المجالات وبخاصة في المجالات القانونية والدستورية، وقد قرّرت الرئاسة في هذا الإطار إنشاء لجنة دستورية، وتواصلت مع كل من الوزراء السابقين رشيد درباس وخالد قباني وانطوان إقليموس وفايز الحاج شاهين، ليكونوا نواة تلك اللجنة. وقد أبدى هؤلاء موافقتهم في انتظار الإعلان عن تلك اللجنة رسمياً.
الحكومة قريبة؟
اما حكومياً، فقد اكّدت المصادر القريبة من الرئيس المكلّف «أنّ ثقة النواب بالحكومة التي سيتمّ تشكيلها حُكماً هي غير مهدّدة كما يعتقد البعض، لأنّ الإرادة الدولية والشعبية التي أتت برئيسها هي نفسها الإرادة التي أتت برئيس الجمهورية، وهي نفسها التي ستفرض الثقة في مجلس النواب بالحكومة الجديدة».