سردية إسرائيلية تواكب الضغط السياسي: حزب الله يعيد بناء قوة «الرضوان»

الأخبار: التحذيرات الواردة من كيان العدو للبنان، لا تُنقل فقط عبر الوسائل الدبلوماسية، بل أيضاً عبر رسائل تنقلها صحافة العدو، علماً أن تل أبيب تهتم لأن تتحدّث مع ممثّلين دوليين حول الوضع مع لبنان.

 

وقد نُقل عن المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان، جينين هينيس- بلاسخارت، التي زارت إسرائيل الأسبوع الماضي والتقت المسؤولين الإسرائيليين الكبار أنها «أكّدت أن زيارتها أتت ضمن إطار المشاورات الدورية التي تجريها مع الجهات المعنية بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701 وتفاهم وقف الأعمال العدائية الذي تمّ التوصل إليه في تشرين الثاني الماضي»، لكنها عبّرت عن خشية كبيرة مما سمعته في تل أبيب، حيث عكس المسؤولون هناك نية إسرائيلية بالتدخل مباشرة لمنع حزب الله من ترميم قدراته، خصوصاً أن الدولة اللبنانية تراوغ ولا تبادر إلى أي خطوة جدية».

 

وكان الناطق باسم جيش العدو أطلق هجوماً يقصد به بناء سردية لتبرير خروقات العدو لاتفاق وقف إطلاق النار.

 

وقال إنه منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، «قضى الجيش على أكثر من 234 عنصراً وقام بتدمير نحو 90 منصة صاروخية ونحو 20 مقر قيادة ونحو 40 بنية تحتية بالإضافة إلى 5 مواقع لإنتاج الأسلحة وثلاثة معسكرات تدريب لقوة الرضوان».

 

وأضاف أن جيش الاحتلال «نفّذ مئات العمليات البرية داخل لبنان لتدمير أسلحة وبنية تحتية في إطار الأعمال الهادفة إلى فرض وقف إطلاق النار ومراقبة تطبيقه، حيث العمل على منع أي تواجد عملياتي لحزب الله جنوب الليطاني ومنع وتحييد قدرات حزب الله على إنتاج الأسلحة والانتشار العسكري إلى جانب تفكيكه من سلاحه».

 

يتحدّث إعلام العدو عن أن حزب الله يعيد بناء خطوط دفاع كاملة شمال منطقة نهر الليطاني، وأن إسرائيل مستعدّة لسيناريو محاولة خطف جنود

 

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية نشرت تقريراً حول الوضع على الحدود مع لبنان، يصبّ في خدمة السردية نفسها، فيما يبدو أنه تحضير لتبرير عدوان جديد على لبنان. ونقلت عن ضباط في القيادة الشمالية لجيش العدو أنّ «حزب الله لم يُهزم، بل يُلملم جراحه، فبدون تنظيم أو ردع، قد يتعافى ويعود أقوى وأكثر خطورة».

ويتحدّث التقرير عن «متابعة دقيقة من جانب الجيش الإسرائيلي لما يحدث عند الحدود مع لبنان، خصوصاً بعدما اتّبع الجيش سابقاً سياسة ضعيفة وفاشلة تجاه الحزب، سمحت لـ«الوحش»، بالنموّ إلى أبعاد هدّدت أمن إسرائيل».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في القيادة الشمالية، قوله إن حزب الله «يقف حاليّاً عند مفترق طرق، لأنه يعرف ببساطة، أن قدرته العسكرية تضرّرت على صعيد جميع أنظمة العمل، من الهجوم والدفاع والقيادة والسيطرة ومنظومة إطلاق النار».

وتتحدّث الصحيفة عن «القوّة النظامية للتنظيم المؤلّفة من فروع عدة من القوات القتالية، وأهمها وأكثرها قوّة وحدة النخبة «الرضوان» التي تلقّت ضربة موجعة»، وتنقل عن المصادر العسكرية «أن عدد أفراد قوة «الرضوان» تراجع من ستة آلاف إلى أقل من 3 آلاف مقاتل، وأن حزب الله يعمل على تجنيد عناصر جُدد». واللافت في تقرير الصحيفة الإسرائيلية إشارتها إلى أن «قوة الرضوان تحاول تنظيم وسائل جديدة، فلا تمتلك حاليّاً البنية التحتية اللازمة على خط التماس، وأن إسرائيل تدرس سيناريوهات عدة قد تحاول قوّة الرضوان تنفيذها في أي يوم: غارات صغيرة، ومحاولات لشنّ هجمات بارزة، بما في ذلك محاولات مهاجمة قوّة عسكرية صغيرة تابعة للجيش وحتى اختطاف جنود»، لتخلص الصحيفة الى القول بأن حزب الله «يعمل على بناء قوة شمالي الليطاني، حيث خط الدفاع الرئيسي لحزب الله.

 

ويشمل ذلك استهداف المناطق ونشر بطاريات المدفعية والمحميات الطبيعية. وعموماً، لاحظ حزب الله نشاط حماس السرّي في غزة، وكان ذلك نوعاً ما لأن الحفاظ على صفوف بعض تشكيلاته يتطلّب بناء تشكيل سرّي».

ويقول الجيش الإسرائيلي إنّ «حزب الله يمتلك قدرات ومنشآت سرية، لكنها لا تشبه ما يحدث في غزة»، إذ قال ضابط كبير في الجيش: «هذا ليس نظام مترو يربط القرى بعضها ببعض أو يعبر المناطق الجغرافية».

وتشير «معاريف» إلى أنّ «أكبر الأضرار التي لحقت بحزب الله تكمن في قدراته المدفعية والصاروخية. قبل الحرب، كان لديه عشرات الآلاف من بطاريات الإطلاق. أما اليوم، فقد انخفض عددها بنسبة ملحوظة. بينما لا يتجاوز عدد بطارياته البعيدة المدى القادرة على إطلاق الصواريخ إلى وسط البلاد بضع مئات. لكنّ المشكلة لا تقتصر على تراجع عدد البطاريات، بل تكمن أيضاً في قدرته على الانتشار والتفعيل، ما يحدّ من قوته النارية».

 

من جهة ثانية يتحدّث التقرير عن الوضع في مستوطنات شمالي فلسطين المحتلة فيقول إنّ 74% من المستوطنين عادوا إلى المستوطنات الواقعة على طول خط المواجهة في الجليل، فيما عاد جميع السكان إلى مستوطنة شلومي، بعد نزوحهم منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023. أمّا في المطلة وكيبوتس المنارة، فقد تجاوز عدد العائدين 30% بقليل، فيما تُشير التقديرات إلى أن المزيد من العائلات سيعود إلى الجليل خلال شهر آب المقبل.

واللافت أنه سبق لمركز «علما» الإسرائيلي الذي ينشر عادة تقارير تتّسم بطابع أمني، نشره تقريراً تحدّث فيه عن نية جيش الاحتلال «مواصلة سياسة الاغتيالات التي تهدف إلى عدم قيام قيادة جديدة لحزب الله».

 

وقال التقرير إن «إسرائيل يجب أن تعمل على زيادة الضغط على حزب الله من خلال التعرّض لقاعدته المدنية»، في إشارة إلى احتمال التعرّض للأطر من خارج الجسم العسكري في حزب الله.

You might also like